الثورة اون لاين – هنادة الحصري:
نردد أن أطفال اليوم هم مستقبل العالم وأي مجتمع لا يرعى أطفاله فهو يتخلى عن مستقبله ..هذه معادلة صحيحة لن نقف عندها طويلا وإذا ما كنا واقعيين علينا أن نعترف
أن ثمة اّراء كثيرة تغبط أطفال اليوم على ما قدمته اليهم التكنولوجيا الحديثة من أقنية الكترونية و أطباق لاقطة … الخ .. و كلنا لا ينسى هوس أطفالنا بديزني لاند بألعابها أفلام الكرتون المحملة بأفكارها التي يرمز بها إلى شخصيات و التي تتصدر المراكز التجارية و التي وصل الهوس الطفولي بها إلى درجة لا تصدق..
هذا وقد تنبأ علماء النفس في عام (١٩٠٩ بأن القرن العشرين سيشهد ثورة يتشكل خلالها مفهوم جديد و سعيد للطفولة ، لكن زملاء لهم ، و بعد مائة سنة على تلك النبوءة يرون اليوم أن الموجة وصلت إلى ما لم يكن في الحسبان و أن كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده ..
و تشير الدراسات حول التلفزيون و الألعاب و الانترنت بأن الطفولة تخطف بالفعل و في سن مبكرة فالأطفال يتعرضون لجلد نفسي و غسل دماغ تحرمهم من أحلامهم الخاصة لصالح أحلام هذه الشركات .
أما الأكثر ضررا فهو الإعلانات التي يتلقفها الطفل فمثلا في أمريكا يبلغ عدد الإعلانات التي يشاهدها الطفل الأمريكي إلى ثلاثين ألف في حين أن السويد منعت بث الإعلانات في فترة البث المخصصة للأطفال لأن الأطفال لا يميزون قبل سن الثانية عشرة بين الإعلان أو بين الحقيقة و الخيال فالمشكلة أن ثلاثة أرباع ما يشاهده الصغار موجه للكبار و رادارات الأطفال تلتقط ما لها وما لغيرها فأكثرها محمل بمشاهد الغدر و القتل و المطاردات بين الأخيار و الأشرار و كلها تحوي رسالة ” يجب أن تحطم الاّخر كي تربح و هذا يتناقض مع علم النفس التربوي الحريص على عدم تشكل عقد لدى الأطفال ناهيك عن اهتمام الأهل أنفسهم بالتلفاز و ببرامجه و تعلقهم بالمسلسلات و الأفلام و برامج الألعاب و الدعايات و نلاحظ سلوك الأهل عند قرارهم معاقبة أطفالهم اذا لم تدرس سنحرمك من مشاهدة فيلمك المفضل غير اّخذين بالاعتبار التقاليد السائدة و العيب و الحرام فالطفولة بألمعيتها الفطرية و تشكلاتها الذهنية و اللغوية بل ببنيتها العاطفية شرقية كانت أم عربية هي المتضرر الأول .
و هذا ليس غريبا على النظريات التي سادت في القرن الثامن عشر حين قال جان جاك روسو ” إن الانسان يولد خيرا ثم تشوه الحياة طيبته الأولى ، كذلك بزوغ دراسات نفسية و اجتماعية أمثال دراسة سيغموند فرويد في كتابه تفسير الأحلام حول التغيرات التي طرأت على معنى الطفولة تاريخيا .
فهل نجح الإعلام في مخاطبة الأعمار و الأذهان على اختلاف مستوياتها ، تخاطب واحد مفهوم للجميع ايذانا بانحلال معالم الطفولة الحديثة أم إننا نحن العرب أمة بلا طفولة و تنقصها الدهشة و الإبداع أليست طفولة أبنائنا في طور شيخوختها ..إنها الليبرالية الحديثة وموجة المال والثراء الفاحش الذي تريده بغض النظر عما سيترتب عليه من كوارث إنسانية…المهم الرصيد الذي يزداد في البنوك.