الثورة اون لاين – لجينة سلامة :
آلم السوريون رحيل السيدة ميادة بسيليس المبكر وهي في زخم وتألق عطائها .لقد كان رحيلا هادئا رغم الضجيج والأنين الذي أحدثه الموت في صدور محبيها ومتابعيها وهي التي اعتلت سراج المسرح في الحرب لتشحذ الهمم وتنعش الروح بأغانيها الوطنية .آلمهم غيابها ونحن نعيش ذكرى مرور عشر سنوات من الحرب على سورية الغالية على قلوبنا وقلب الإنسانة الوفية الوطنية التي لم تستكين لضغوطات الحرب وأذاها ولم تهاجر, بل عاشت كل تفاصيلها مثلها مثل أي مواطن سوري نالت منه الحرب بمنزله وأهله ومدينته .وبالأخص مدينتها حلب التي ودعهتا والدموع في أزفتها وفي عيون من أحبها لصوتها ولقربها من مشاعرهم ولوطنيتها التي جسدتها في كونها لم تركن للمنطقة الرمادية والبلد يخسر شبابه بفعل الإرهاب ,والبلد يحترق بسبب اعتداءات الجماعات التكفيرية الذين نالوا من الكنائس والمساجد دون استثناء .لم تترك الوطن جريحا مدمى ولم تركب على أجنحة اللجوء حيث المخيمات والمنصات الضلالية والمساومات .لقد غادرت حلب إلى دمشق بضعا من الوقت ومن ثم عادت إلى مسقط رأسها ,حلب التي توجت فيها أيقونة الوطن ,كما ودعها اليوم شعبها وأهلها في أيقونة وداع تليق بحضورها وبغيابها .
لقد تمكنت الفنانة النجمة ميادة بسيليس أن تستحوذ على قلوب السوريين بطيبتها الراقية وبأخلاقها الرفيعة وببساطتها اللبقة .لم تخضع لمغريات البونوكس وشفط البطن وعمليات التجميل .بل حافظت على خصوصيتها فظلت على جمالها الرباني وهو ماجعلها قريبة ممن أحبها. قد لا تكون الفنانة بسيليس حققت رقما قياسيا في حضورها وتفاعلها على وسائل التواصل الاجتماعي ,لكنها استطاعت وبصدق أن تحقق الرقم القياسي في محبة الجمهور المثقف والواعي والشعبي على اختلاف اهتماماته .
لقد بكى السوريون السيدة بسيليس لأنهم بكوا معها أمهم النازفة وجراحاتهم وآلامهم وخساراتهم ونجاحاتهم وانتصاراتهم فيما مضى من سني الحرب .لقد بكوا بسيليس وكانوا قد غنوا سويا أغاني الوطن النازف والجريح والمعافى فانتفضوا حاملين العلم السوري وجابوا فيه أرجاء سورية . إنه الموت الذي يكشف سقف المحبة لمن يغادر ,إنه الموت الذي يكشف حجم محبة السوريين للغالية الراحلة .لها الرحمة ولمحبيها الرصيد من التراتيل والإرث الغنائي الغني بالحب والود والصداقة والأخلاق والوطن والرقي .
