يوما بعد آخر يؤكد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أنه فاقد للتوازن والتفكير والعقل وقد تجلى ذلك بتجاوزه كل الأعراف الدبلوماسية واللياقة السياسية حين وصف رئيس دولة عظمى له حضوره واحترامه على الصعيد العالمي كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ.”القاتل”، وهو الذي أثبت في أقل من شهرين على بدء ولايته الرئاسية بأنه فاقد للأخلاق والقيم التي يدعيها أيضاً، من خلال إبقائه على حالة الحصار الجائر على سورية، فيما تمارس قوات بلاده المحتلة للشمال السوري سرقة ثروات سورية النفطية والزراعية في أوج حاجة السوريين إليها، وهي عملية نهب وضيعة تتوخى تجويعهم وإملاء وفرض الشروط السياسية عليهم بعد عشر سنوات من محاربتهم للإرهاب الداعشي نيابة عن العالم.
ما يؤكده بايدن هذه الأيام هي السياسة الأميركية المنتهجة على مدى عقود من الزمن في منطقتنا، حيث لا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ ولا أي شيء له علاقة بالإنسانية، بل مجرد ذرائع مزيفة وأضاليل لتخدير السفهاء والضعفاء والاتباع، بهدف تبرير احتلال الدول والهيمنة على ثروات شعوبها بالقوة العسكرية، إن لم تفلح الأساليب السياسية والاقتصادية والنيوليبرالية الوضيعة، فما زال غزو العراق التي مرت ذكراه الثامنة عشرة قبل أيام تحدث العالم بكل الكوارث الهائلة التي عاناها ودفع ثمنها العراقيون تحت الاحتلال الأميركي وما يزالون.
لقد اعتقد البعض ممن كان مهتماً بالسياسة الأميركية في المنطقة أن مجيء رئيس ديمقراطي سيكون له وقع مختلف على الأوضاع فيها، بحيث تنتهي حقبة “الجنون” التي أسس لها ترامب إلى غير رجعة، وإذ ببايدن صورة طبق الأصل عن سلفه، مع زيادة قياسية في المراوغة والادعاء والكذب، أملتها سنوات الخدمة الطويلة في مطبخ المؤامرات الأميركي”الكونغرس” حيث يحاول الظهور بمظهر المدافع عن حقوق ومصالح الشعوب دون جدوى، فأي عاقل في العالم يمكن أن ينظر إلى تجويع السوريين على أنه يصب في مصلحتهم، وأي عاقل يمكن أن يبرر للأميركيين بقاءهم كقوة احتلال تسرق وتنهب وتدعم الإرهاب والمرتزقة في الأرض السورية بعيداً عن إرادة أبناء هذه الأرض وطموحهم في الحياة والحرية والعيش الكريم.
كل ما يفعله بايدن اليوم في سورية هو لصوصية كاملة المواصفات وعدوانية سافرة وغير أخلاقية على القوانين الدولية، ظناً منه أن هذه السياسة تجعل منه “رئيساً” قوياً، لكن هذه السياسة تحمل أسرار سقوطها، وأقسى أنواع السقوط هو السقوط الأخلاقي، ويبدو أن أمامه أنواع أخرى ستأتي تباعاً.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود: