الملحق الثقافي:عبد الحكيم مرزوق :
حية»، ويقع الكتاب بأكثر من سبعين صفحة من القطع المتوسط، وهو من إصدار دار الإرشاد. سورية.
لقد كان «الأَقْرعُ» يُناقِض جَعْفر بن عُلْبَة الحارِثي اللصّ، وعاشا في أيَّام الخَليفة الأُمَويّ «هِشام بن عَبْد الـمَلِك»، ويُذكَر أنَّ «الأَقْرعَ» سُمِّيَ بهذا الاسم، نِسْبةً لبيتٍ قالَه يَهْجُو «مُعاوِيَة بن قُشَيْر:»
مُعَاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ/ شَبا حَيَّةٍ، مِـمَّا عَدا القَفْرُ أَقْرَعُ.
وهو بذلك شاعرٌ أُمَويّ إِسْلامِيّ، ويَبْدو أنَّه أدركَ الدولةَ العَباسيَّة.
اعتمد «الباحث» في رصدِ شِعْر «الأَقْرع» على «التَّذْكرة الحَمْدونيَّة لابن حَمْدون» وكتاب «الفُصُوص في المِلَح والنَّوادِر والعُلُوم والآداب» لـ «أبي العَلاء صاعِد البَغْدادي» بشكلٍ رئيسي، فقد ورد فيهما كثيرٌ من شعره، وهذان المصدرانِ لم يكونا مِن مَراجِع مَنْ أَحْصى شعرَ الأقرع فيما سبق.
عاد د. «قمحية» إلى المصادِر التي وردت في دراسةِ من سَبقه، لجمع بعضِ أشعار «الأَقْرع»، مثل «الأَمالي» للقالي، و»الحَماسة البَصْريَّة» لعلي بن أبي الفَرَج بن الحسَن البَصْري، و»مَجالِس ثَعْلَب» لأَحْمد بن يَحْيى بن ثَعْلَب أَبو العَبَّاس والتَّعْليقات والنَّوادِر لأَبي عَلي هارُون الـهَجَـري (ليس فيه شيءٌ من شِر الأَقْرع بن مُعاذ)، وشُروح الحماسَة لأبي تمَّام وغَيْرها. وبذلك تعدُّ التَّذْكرةُ الحَمْدونيَّة لابن حَمْدون أكثرَ المَصادِر التي أَوْردَتْ شِعْرًا للأَقْرع بن مُعاذ، وهناك مصادرُ كثيرةٌ معروفة عاد إليها، كبعض كُتُب النحو التي لم تَذْكر له شيئاً، أو ذكرت بيتاً أو بيتين.
يعود قصبُ السبق فـي التَّفْكير بجمعِ شعرِ الأقرع بن معاذ القُشَيْري وتَحْقيقه للأستاذ هِلال ناجي، حيث عمدَ إلى ذلك ونشره في مجلَّة المورد العراقيَّة عام 1978 م، وأَوْردَ للشاعر نحو 87 بيتًا من الشعر (ص192- 198)، ثمَّ نشرَ الدكتور عَبْد العَزيز محمَّد الفَيْصل كتابَه (رسالة دكتوراه): شُعَراء بَني قُشَيْر في الجاهليَّة والإِسْلام حتَّى آخِر العَصْر الأُمَوِيّ، في جامعة الأزهر بالقاهرة فـي أواخِر السَّنة نفسها، وأوردَ فيه خَمْسَةً وسَبْعين بَيْتًا لهذا الشاعر، مِمَّا وَجدَه في بعض أهمِّ مصادرِ الشعر والأدب التي كانت متوفِّرة آنذاك.
لكن، مع توفُّرِ وسائل البَحْث عبرَ الإنترنت، وظهورِ مصادرَ جديدة، كان لابدَّ من إتمام ما بدأه الآخرون. لذلك، عمد د. «قمحية» إلى البحث من جديد عن شعر «القُشَيْري»، فوجد عدداً من الـمَصادِر التي ربَّما لم تكن مُتاحةً فيما مضى، وأهمِّها، التَّذْكرةُ الحَمْدونيَّة والفُصُوص والفاضل ونَضْرَة الإِغْريض في نُصْرَة القَريض والـمُحِبُّ والـمَحْبُوب والـمَشْمُوم والـمَشْروب، وغيرها، وبذلك، بلغ مجموعُ ما أضفته 64 بيتاً، ليصبحَ الإجمالي 151 بَيْتاً دونَ تكرار.
لم يَقْتصر عمل الباحث على الاستدراكِ بأبيات وأشعار جديدة للشاعر، بل عَقد مقارنةً بين شعره في تلك المصادر، وبيَّن الفُروقَ والاختلاف، ورجَّح بعضَ الأبيات التي نُسبَت إلى الشاعر المَدْروس وغيره دون أن يتعمَّقَ في التَّرْجيح، وضبط ما لم يكن مَضْبوطًا من شعره، وشرح معاني بعض الكلمات العسيرة أو الـمُسْتَغْلِقَة، كما ألحق أبياتاً بأبيات في كلِّ مرَّة وجد السِّياقَ بَيْنهما متناسباً، ومتّفقاً في البحر والقافيَة.
لم يسْهِب الباحث في الحديث عن الشاعر ونسبه، فقد أفاضَ في ذلك دارِسون آخرون، فما كان يَهمُّه، استدراكُ ما فاتَ من شعرٍ «القُشَيْري»، والتركيز على مصادِره الجَديدة، كخطوةٍ لاستكمال الضائِع من شعرِه في الـمُسْتقبَل.
أيضاً، لم ينْسَ تبويب أبياتَ الشاعر وقصائدَه التي وجدها حسب القَوافي، ثمَّ البُحور التي لم تَزِدْ على أربعة، وبدأ عمله بالحديث عن حياةِ الشاعر وقبيلته، وأمل أن تتوفَّرَ لأيِّ دارسٍ جديد، مصادرُ أخرى تضمُّ شعراً جديداً لم يعثر عليه، فيُلْحقه بشعرِه الذي أصبحَ متاحاً الآن، وهو ما سيُغْني ديوانَه، ويوفِّر للباحثين الـمَزيدَ من شعرِه.
التاريخ: الثلاثاء23-3-2021
رقم العدد :1038