لم يمضِ وقت طويل على مصارحة السيد رئيس مجلس الوزراء للسادة أعضاء مجلس الشعب، بأن الحكومة لم تستطع أن تستلم من قطن العام ٢٠٢٠ سوى ١٣ ألف طن ،حتى سارع مجلس الوزراء الى اعتماد سعر جديد لشراء كيلو غرام القطن هو ١٥٠٠ليرة سورية بدلاً من ٧٠٠ ليرة.
وفِي الْيَوْمَ ذاته أقر سعراً جديداً لشراء القمح هو ٩٠٠ليرة للكيلوغرام الواحد بدلاً من ٥٥٠ ليرة، وسط إصرار على توجيه الإنفاق العام نحو الإنتاج، ومنح الدعم على المنتج النهائي، ما يحفز المنتجين على شراء احتياجاتهم من السماد والمازوت من الأسواق الخاصة إذا لم تكفهم الكميات التي يحصلون عليها من المؤسسات الحكومية.
يغني هذه الإجراءات موسم مطري جيد حتى الآن، ما سيتيح نمواً جيداً للمساحات المزروعة بالقمح المقدرة بـ ١.٤٧٥مليون هكتار، والمساحة التي ستزرع بالقطن وهي ٣٢ ألف هكتار للحصول على ١٠٠ألف طن قطن في الموسم القادم .
إذ نجيب عن معنى هذه الأرقام ، نجد أن الحافز المالي يلعب دوراً مذهلاً في التفاني من أجل إنتاج جيد معبأ في الأكياس، واصل الى الصوامع والمستودعات والمحالج.
إن إنتاجاً جيداً من القمح سوف ينأى بِنَا عن استيراد هذه المادة بالدولار، وهي كالهواء في نمط غذائنا، وأكثر من أساسية ولا غنى عنها على الإطلاق ، وهي تباع بسعر مدعوم لكل الناس ١٠٠ ليرة للربطة الواحدة، علماً أن تكلفتها ٦٠٠ ليرة على الدولة، وهذه التكلفة الى ازدياد تباعاً. وإذ نتحدث عن توفير الدولار عبر الإنتاج المحلي ، فالربح هائل، (لأن مصادر الحصول على الدولار في زمن الحرب قد تناقصت الى حد كبير، إذ يسرق المحتل الامريكي نفطنا، وحركة السياحة الخارجية متوقفة، ولا صادرات أساسية ومهمة مثل القمح والقطن سابقاً.
إذ نتذكر عقد التسعينيات، نجد أن السعر المجزي للقمح كان وراء المأثرة السورية الكبرى على صعيد هذا المحصول، إذ أتاح الاستفادة من المساحات الجديدة التي دخلت في الري، وَقاد الى تفانٍ قفز بإنتاج سورية من مليون طن قمح في المتوسط إلى ثلاثة ملايين طن وأكثر علماً أن المنتجين يحتفظون دائماً بربع الإنتاج على الأقل للبرغل والفريكة والطحين بمطبخ البيت.
أما القطن، فهو زراعة صعبة تحتاج الى متابعة دقيقة جداً خوفاً عليه من لفحات الجفاف، وضرورة إسعافه فوراً برية سريعة في أيام القيظ الشديد في تموز، ويكون لايزال غضاً، الى جانب إنقاذه من الدودة.
والنجاح في تسويق ١٠٠ألف طن قطن، يتيح تشغيل مصانع الغزل والنسيج بالحدود الدنيا، ومصانع إنتاج الزيت النباتي، والعودة الى تصدير مادة اللينت الناجمة عن حلاقة بذور القطن، وهي مطلوبة بشغف في الأسواق العالمية، إذ تستخدم في صناعة التقنيات الحديثة الدقيقة.
لسنا نتجاهل الحرب والاحتلال لأجزاء خصبة، لكن إرادة الانسان هي الأقوى وعندما تشحذ بالحوافز الوطنية والمالية، تصبح كالسيف البتار .
وهذا هو الطريق الأساسي للوصول الى وضع معيشي أفضل، مع الإصرار على الرأس المرفوع والوطن الحر الموحد، وما يثلج الصدر أنه ريثما تعطي الأرض خيراتها تصدر تباعاً مراسيم تسعف الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود، لعل من أهمها المنحة الأخيرة وهي تقترب من الراتب الشهري للنسبة العظمى ممن منحت لهم .
أروقة محلية – ميشيل خياط