تأريخ التراث في المسرح العربي المعاصر

الثورة اون لاين – هناء الدويري:

المتتبع لنشأة المسرح العربي المعاصر في مختلف البلدان العربية يلفت نظره كثير من نقاط التماثل في مراحل وصعوبات تلك النشأة ويفصّلها الكاتب والباحث والمترجم عبد اللطيف الأرناؤوط في دراساته التي ضمنها في كتاب “تأريخ التراث في المسرح العربي المعاصر” ويذكر منها تواطؤ السلطتين المدنية والدينية على محاربته لأنه منبر للوعي، ويشير إلى نشأته المعاصرة في المدن واحتضان واستثمار الطبقة البرجوازية للمسرح للدفاع عن مصالحها ومخالفته للواقع التاريخي تحت شعار التغيير وستار نشر الوعي الزائف من قبل بعض كتاب المسرح والمشتغلين في مجاله المأجورين المشبوهين لإضعاف المجتمعات العربية، وهذا يذكّرنا بالفكر الليبرالي الذي لايضيّع فرصة للإبقاء على حالة التشرذم العربي، ومثال ذلك الدور الذي لعبه اليهودي “يعقوب صنوع” الملقب ب “أبي نظارة” حين أسس مسرحه في مصر حيث ربّته الجهات الاستعمارية على يديها وأغدقت عليه وقدّمت له كل التسهيلات حتى في إصدار صحيفة عربية، وكان مهندس الدسائس بامتياز وغايته رفع شعار “فرّق تسد” ونجح في مهامه تلك الحقبة
بالمقابل فإن عددا من الكتاب المسرحيين الوطنيين المخلصين أمثال عبد الله النديم وأبي خليل القباني ممن كان هدفهم النهضة ثبتوا في مواقعهم الوطنية ورغم محاربتهم من القوى المسيطرة صمدوا رغم الإفلاس والفقر والتشرد
في سورية قاوم الاحتلال العثماني مسرح الرائد أبو خليل القباني وأغلقوا مسرحه.
وفي العراق بدأت الحركة المسرحية في عشرينيات القرن الماضي بأهداف تربوية ثم انحازت للأهداف الوطنية وكان للرائد المسرحي حقي الشبلي الفضل في رعاية هذه الحركة.
ومع أن العرب لم يعرفوا المسرح في جاهيلتهم لكن ذاكرتهم الجمعية كانت تحتفظ بالمحاولات المسرحية التي كان لها حضورها في العهود القديمة وكانوا ورثتها وقد تسربت إلى عاداتهم وتقاليدهم كثير من الأعراف والاحتفالات الشعبية منذ أيام سومر ومرورا ببابل ومصر واليونان والرومان، والفكرة واضحة لديهم عن هذا الفن الذي تجسّد في أوابد مسرحية يمرون بها في رحلاتهم في بصرى وتدمر وبعلبك وسواها…
أهمية المسرح في إعادة الأحداث التراثية.. في هذا الفصل يمكن القول إن الحركة المسرحية العربية بقيت أقرب إلى روح التراث وألصق به إلى حين دراسة الشبان للمسرح في أكاديميات الغرب وتشبعهم بنظرياته واتجاهاته وابتعادهم عن الواقعية وتقوقعهم في حدود الفردية فالواقع المسرحي للحداثيين نجح في تطوير الأبعاد الجمالية للفن من خلال التخييل والأسطرة والترميز لكنهم بالغوا في ردة فعلهم إلى حدّ التطرف وتداول التجريب المسرحي والتنظير له مخرجون لايملكون ذائقة المبدع ووعيه الإنساني للوسط الذي أنجبه والقيم التي يحملها، ومن غير أن يملكوا أي ثقافة لغوية أو تاريخية تؤهلهم لتقويم التراث أو الحكم على رؤى مبدعيه.
نهاية الثمانينيات من القرن العشرين كان المسرح عموما والعربي خصوصا يعتمد على نصوص محكمة البناء الدرامي لكنه فقد تلك القيمة بعد إعلان “موت الكاتب” ما أخرج النص المسرحي عن خشبة المسرح وكلّ الحجج التي تضع اللوم على السلطة والأوضاع الاقتصادية حجج واهية بدليل أن دمشق في السبعينات والثمانينيات كانت تقدم العرض المسرحي الواحد لأكثر من خمسة وعشرين ألف متفرج وكان سكانها لايتجاوزون المليون ونصف المليون. واليوم في ملايينها الخمسة لاتقدم أعظم عرض مسرحي لأكثر من ألف متفرج…
ومن الاختراقات المسرحية للتاريخ مايتجاوز به كتاب المسرح الأهداف الإنسانية والاجتماعية الواقعية للنص التاريخي الممسرح، فصورة شهرزاد وتطلعاتها الإنسانية تختلف من مسرحية لأخرى، والكتابة التاريخية للمسرح تحتاج ثقافة واسعة وفهم ووعي، ولن يفلح الكاتب والناقد المسرحي في ذلك إذا لبس ثوب المسرح الغربي.
فصل إشكالية المسرح بين الأصالة والمحاكاة.. اختلفت الآراء في الحكم على المسرح أهو ترجمة وتقليد ومحاكاة أم هو مسرح تجديد وإبداع وتحرر؟
لعل العرب مازالوا يبحثون عن مسرح يمثل هويتهم، وتمثّل ذاته والآخرين هي من دواعي التماس مسرح عربي، وقد يكون هاجس المثاقفة هو الدافع لولادته ولابدّ من صيغة تنطلق من معطياتنا الثقافية والفكرية في وجه المشروع التدميري الذي يسعى إلى تبديد الثقافة العربية.
نشأ المسرح السوري بجهود رواد مسرح عهد النهضة الأوائل من السوريين، ثم انطلقت الدولة برعاية المسرح وتمويله وتوجيهه، فأسست (فرقة الفنون الدرامية) ثم (فرقة المسرح القومي)، وتأسست فرق جادة على مستوى المحافظات، وأُسِّس “المسرح العسكري”، وأسّست وزارة الثقافة “المسرح الجوال”..

وفي الكتاب إضاءات على مسرحيات عربية ومنها(عودة هولاكو، الواقع.. صورة طبق الأصل) و مسرحيات عدة تؤرخ للتراث، كما عرض لرواد المسرح العربي أمثال توفيق الحكيم وخليل هنداوي، ويعرض لتأريخ التراث في المسرح الكويتي الكاتب عبد اللطيف الأرناؤوط من مواليد دمشق ١٩٣١، اهتم بدراسات اللغات البلقانية وترجم الرواية والقصة والشعر الألباني إلى اللغة العربية وتسلم رئيس تحرير وإدارة العديد من المجلات.

الكتاب من القطع المتوسط، ٢٤٤ صفحة

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان