يترقب العالم متغيرات موعودة، منبعها الولايات المتحدة الأميركية وتداعياتها تطول أنحاء العالم المختلفة، لكن القسم الأكبر منها يتجه نحو المنطقة العربية ويتركز محورها في سورية.
فواشنطن بعد وصول جو بايدن لكرسي البيت الأبيض وعدت باتباع سياسة جديدة أساسها الحوار والدبلوماسية، وادعت أنها ستكسر جرة فخار خلف حقبة دونالد ترامب الكئيبة والعصيبة، الأمر الذي دفع بعض المحللين للاعتقاد أن ثمة متغيرات قد تحدث في الإدارة الأميركية بحلتها الديمقراطية متناسين أو متجاهلين حقيقة آلية صنع القرار في دولة رعاة البقر وقتلة الشعب الأصيل في القارة الجديدة.
الدول العظمى وخاصة روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية لم تحتج انتظار انتهاء المئة يوم الأولى لحكم ساكن البيت الأبيض الهرم الجديد لتدرك أن ما ادعاه مجرد رذ رماد وافتراء ليس أكثر، وأن أياماً سوداء تنتظر العالم كله مع شروع إدارة بايدن بزيادة العقوبات الاقتصادية بحق شخصيات ومؤسسات في كل من روسيا والصين، فبدأتا بالرد والاستعداد لما هو أكبر في قادم الأيام، فالعجوز الأميركي صاحب الرؤى العدوانية السابقة ما زال يحتفظ بها، بل ازداد تطرفاً في مواقفه الرافضة والمعادية لأي فكرة تحمل تقدماً وازدهاراً لأي اقتصاد في العالم، كما أنه لا يقبل بأي تقدم أو تطور في مجالات التسلح تجعل من موسكو وبكين مهددين للتفوق العسكري الأميركي، وهو بصدد صوغ استراتيجية حديثة تتراكب مع الاستراتيجية الأميركية السابقة والتي تقوم على السيطرة على مقدرات العالم من خلال وجود حاملات طائرات وأساطيل تحمل صواريخ وأسلحة دقيقة تجوب المحيطات والبحار ووجود قواعد ومعسكرات بالقرب من الحدود مع الدولتين.
وبالمقابل فإن العالم ينتظر الرد الصعب في ظل وجود عقيدة سياسية ودبلوماسية روسية تعتمد احترام ميثاق الأمم المتحدة والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية ورفض الهيمنة والتدخل بالشؤون الداخلية للدول، إضافة إلى أن بكين اعتمدت سياسة مماثلة تعتمد القانون الدولي واحترامه في حل الخلافات بين الدول؛ لكن الأمر سيكون من الصعوبة بمكان في ظل حالة التعنت الأميركي والمضي في اتجاه يخالف تلك السياسات ويستخدم أكذوبة حقوق الإنسان لفرض عقوبات ونشر الجواسيس والتدخل في بنية المجتمعات والدول مع التركيز على كل من روسيا والصين.
ثمة رد صيني يمثل السلاح الاقتصادي كإجراء أولي تمثل برفع عملة الدولار من سوق الأوراق المالية الصيني وهو ما سيشكل خطوة في بداية تعاملات اقتصادية واسعة لن يكون للدولار دور فيها، هذا فضلاً عن المضي في سياسة التوسع التكنولوجي وخاصة في ميدان الاتصالات التي تهدد التكنولوجيا الأميركية وتهدد مكانتها في السيطرة على منظومة الاتصالات الدولية بكاملها.
ومن جانبها روسيا تسعى لتطوير أنظمتها التكنولوجية والعسكرية بصورة متسارعة تفوق وتتفوق على الكثير من منظومة الصواريخ والطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع وأجهزة المراقبة والرصد ما يفتح باب التنافس على صراعات متوقعة قد تكون الحروب بأماكن غير بلدانها مساحتها وساحتها، فالعالم يقف على شفير انفجارات قد تفوق المخاطر التي كانت تحملها فترة الحرب الباردة، تلك التي هددت بحروب كبيرة لكنها لم تنفجر نظراً لطبيعة الرد والردع آنذاك، وهي اليوم محكومة بمنظرين وسياسيين يحملون عقائد خرافية ويعيشون أوهاماً توراتية تريد للعالم الخراب لتحقيق نبؤاتهم الكاذبة.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد