لطالما تنادت الدول في العقود الأخيرة إلى الحفاظ على مقدراتها الثقافية وإرثها الحضاري في ظل انتشار ثورة العولمة التي ساهم في تفجرها تطور التقنيات والتكنولوجيا والاتصالات الحديثة، ويضاف لها تلك الحروب التي تشنها قوى العدوان على الشعوب الآمنة، في محاولة منها لإسقاط مقوماتها ودعائمها التراثية والثقافية ومحو هوياتها وشخصياتها ورموزها الفكرية والعلمية.
وما الشراكة التي قامت بها وزارة الثقافة مع وزارة السياحة وبرنامجهما المشترك إلا واحدة من سبل الحفاظ على الهوية الحضارية والثقافية والإسهام في الحفاظ على التراث المادي واللامادي.
وضمن بنود هذه الشراكة الهامة التوظيف الثقافي والسياحي لعدد من المباني والخانات التراثية وبيوت المشاهير، ولاشك هذه الخطوة تعيد الحياة لتلك الأوابد التي تكاد تمحى من ذاكرة أجيال اليوم وهذا أمر من الأهمية بمكان، وعلى الجانب الآخر هو تعزيز للقيمة التاريخية لها كجزء من الذاكرة الوطنية والحضارية التي نعتز بمبدعيها.
ولايخفى على الباحثين والمهتمين غنى بلادنا بإرثها الثقافي المادي منه واللامادي وعلى مستوى المحافظات كافة، والذي يعكس تنوعاً في الفن والإبداع والأوابد والعادات والتقاليد وحتى في العلاقات الاجتماعية وأشكال اللباس التي تتسم كل منطقة بزي يزيد روعة عما سواه، ويحمل حكايات لاتزال تسكن الوجدان والذاكرة.
هذا الموروث الغني في التنوع والغارق في الأصالة والإبداع لاشك نحن جميعاً معنيون بالحفاظ عليه، والسعي إلى تدوينه وإدراجه ضمن المناهج التعليمية لتعزير الانتماء لدى أبنائنا والتمسك بهويتهم، ليكونوا الحصن المنيع في قادم الأيام ضد الغزاة والطامعين في بلادنا.
ولا يختلف اثنان على أن حربنا الأخيرة مع الإرهاب من أهدافها استهداف ثقافتنا وهويتنا وتراثنا ورموزنا الفكرية، مايدفعنا إلى نشر الوعي المجتمعي بأهمية الإرث الحضاري وتعزيز القيمة التاريخية لتلك الأوابد الخالدة.
إحياء التراث المادي واللامادي مسؤولية وواجب وطني يضطلع به كل من موقعه لنعيد توظيفه ثقافياً، سياحياً، واقتصادياً، لتزدهر بلادنا على وقع الحضارة والتألق وسمو القيم، ولتكن سورية وطن المحبة والسلام كما كانت .. وستبقى.
رؤية- فاتن دعبول