الثورة أون لاين- ناصر منذر
منذ ابتداع كذبة (الكيميائي) في سياق أساليب الضغط والابتزاز التي تمارسها الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون بحق سورية، ورغم ثبوت زيف تلك الكذبة بالشواهد والقرائن، إلا أن منظومة العدوان لا تريد إخراج هذا الملف من دائرة ألاعيبها السياسية وأضاليلها الإعلامية، وقد باتت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كمسرح سياسي لتسويق هذه الكذبة، أحد الأسلحة القذرة التي تستخدمها الدول الغربية في حربها الإرهابية المتواصلة على الشعب السوري.
ثمة مشروع قرار فرنسي غربي مطروح أمام الدورة الـ 25 لمؤتمر الدول الأطراف في منظمة الحظر المقررة أواخر الشهر الجاري، وهذا المشروع يستند كالعادة إلى جملة من الأكاذيب والأباطيل تضمنها تقرير ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” حول مزاعم ” عدم امتثال” سورية لالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، علماً أن هذا الفريق غير الشرعي لم يسبق أن قدم دليلاً واحداً يثبت صحة استنتاجاته المفبركة، وهذا دليل واضح على أن الدول المشغلة لهذا الفريق تتعمد إنكار الواقع، بأن سورية التزمت ولم تزل بالتعاون مع المنظمة وأمانتها الفنية، وأنها لم تستخدم يوماً السلاح الكيميائي، وهذا الإنكار الغربي للواقع هدفه واضح ومعروف، هو إلصاق تهمة “الكيميائي” بالجيش العربي السوري، وتبرئة الإرهابيين ورعاتهم.
كل الأدلة والوقائع على الأرض، تؤكد بشكل قاطع بأن الإرهابيين المدعومين من أميركا والغرب هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير تثبت أنهم يمتلكون مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الراعية لهم، وسبق للحكومتين السورية والروسية أن قدمتا كماً كبيراً من المعلومات والأدلة والبراهين التي تثبت صحة ذلك، ولكن الدول الغربية تصر على تجاهل هذه الحقائق، لأنها بطبيعة الحال موضع الإدانة الحقيقية بهذا الشأن.
أما سورية فهي لم تستخدم يوماً الأسلحة الكيميائية، وسبق أن تخلصت من هذه الأسلحة منذ عام 2014، بعد عام على انضمامها لاتفاقية ” حظر الكيميائية”، وتم ذلك على مرأى من ممثلي الدول الغربية، حتى أن رئيسة البعثة المشتركة سيغريد كاغ أثبتت هذه الحقيقة في إحاطتها لمجلس الأمن حينذاك، وتقارير الأمم المتحدة ومنظمة الحظر أكدت أيضاً هذه الحقيقة في وقت لاحق، والقفز الغربي فوق هذه الحقائق يؤكد للمرة الألف بأن ما بات يسمى “الملف الكيميائي” هو أداة غربية للابتزاز السياسي، وتكبيل سورية بضغوط تنطوي على تهديدات واضحة ومعلنة، تصب في مصلحة إرهابيي ” داعش والنصرة والخوذ البيضاء”، وتعتبر بمثابة ضوء أخضر لتلك التنظيمات لارتكاب المزيد من الاستفزازات “الكيميائية” كلما اقتضت الحاجة والمصلحة الغربية لذلك.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليست الهيئة الدولية الوحيدة التي تتخذ منها الدول الغربية منصة عدوان إضافية على الشعب السوري، ولكنها تأخذ الدور الأخطر في دعم الإرهابيين لجهة تغاضيها عن مسألة استخدامهم للأسلحة الكيميائية، وتبرير جرائمهم، والدولة السورية هي الضحية الوحيدة لتلك الأسلحة، فالإرهابيون يستخدمونها بشكل متكرر ضد المدنيين وعناصر الجيش العربي السوري، ورعاة أولئك الإرهابيين يستثمرونها بدورهم لشن حملاتهم المسعورة ضد سورية في مجلس الأمن والمنظمات الدولية، وهذا يشير بكل تأكيد إلى أن مواصلة دعم الإرهاب، والاستمرار في امتهان الأكاذيب، ستبقى سمة ملازمة لسياسة الغرب العدائية، طالما بقي هذا الغرب عاجزاً عن تحقيق مشروعه الاستعماري.