نشر الفوضى الهدامة، وتدمير الشعوب ونهب ثرواتها، وإشغال الدول والحكومات بالأزمات، وإشعال العالم بالحروب، عناوين عريضة لأجندات أميركا ومخططاتها الاستعمارية، ليس في منطقتنا وحدها فحسب بل على امتداد المعمورة من بحر الصين إلى أواسط “أوراسيا” مروراً بالقارة السمراء وحتى سواحل الأمريكيتين.
واليوم مع إشعال واشنطن لفتيل أزمة جديدة في جغرافيا دول الطوق الروسي، للضغط على موسكو وابتزازها، وتحديداً في أوكرانيا، فلا بد من العودة إلى الكثير من التسريبات التي توثق تلك الأجندات الباحثة عن الفوضى وتحقيق المصالح الاستعمارية، والتي تؤكد الدور الشيطاني لأميركا في كل ما يجري هناك.
فكلنا يذكر كيف جاءت التطورات العاصفة في أوكرانيا منذ سنوات لتوضح دور واشنطن في تفجير الأوضاع هناك، وتقويض العلاقة الروسية الأوكرانية، وكيف صعّدت إدارة أوباما آنذاك النزاع وأخذت تنفخ على نار الخلاف بين العاصمتين غير مرة، ومثل هذا الكلام ليس من بنات أفكارنا بل حقيقة دامغة اعترف بها أوباما نفسه حين أقر في مقابلة تلفزيونية مع قناة “سي إن إن” بأن إدارته لعبت دوراً لتغيير الحكم في أوكرانيا في شباط من العام 2014.
وكلنا يذكر أيضاً كيف كشف الخبير السياسي الأميركي “ستيفن كوهين” منذ سنوات عن مخطط واشنطن لإشعال عدة جبهات تطوق بها روسيا في (القرم والقوقاز وأوكرانيا وآسيا الوسطى)، ومنصتها الأولى هناك أوكرانيا، التي خططت واشنطن لتكون منطلقاً لمخططاتها الاستعمارية لمحاصرة روسيا، وجاء الانقلاب في أوكرانيا في إطار تلك السياسات.
واليوم بعد أجواء التوتر المشحونة في أوكرانيا، ومع بلوغ التصعيد الأميركي ذروته أيضاً، رأينا كيف دخل النظام التركي على خط التفجير الأميركي، وسمح بمرور السفن الحربية الأميركية إلى البحر الأسود، خلافاً لاتفاقية “مونترو” الخاصّة بالمضائق البحرية، ما يعني التناغم مع سياسات واشنطن التصعيدية والمشاغبة على روسيا في البحر الأسود.
قصارى القول: تحاول إدارة بايدن، التي خلعت قفازاتها الدبلوماسية المزيفة، وكشرت عن سياساتها العسكرية العدوانية، أن ترسم الجغرافيا المحيطة بروسيا على مقاسات رياحها الجشعة من دون أن تدرك أنها ستخيب هناك كما خابت في سورية، وكما فشلت في غير مكان من هذا العالم، ولاسيما أن متاجرتها بحقوق الإنسان والحريات ومساعدة هذه الدولة أو تلك باتت مكشوفة للقاصي والداني.
بقلم مدير التحرير -البقعة الساخنة