الثورة اون لاين – يمن سليمان عباس:
الجلاء ليس حدثا عاديا نحتفي به كل عام مع مطلع الربيع وبدء مواسم الخصب التي هي بالأصل أعياد سورية أعطتها سورية عبر عشرة آلاف عام من الثقافة إلى العالم ..
أعياد الأرض وخصبها تتواشج مع أعياد النضال وجدلية التفاعل هذه جعلت النبض دائما في الصدور والعقول ..
الجلاء الذي صنعه السوريون بمقل العيون كان ينجز كل يوم خطوة خطوة حتى وصل إلى اليوم الموعود ..
كان الحراك الاجتماعي رديفا لكل تحرك سياسي ونضالي ..وهنا نستذكر الشعر المحكي الذي يقدم صورة واضحة جلية بينة على الوحدة الوطنية التي حاولت فرنسا أن تمزقها وتلعب على وترها ..
الباحث الأستاذ جورج عيسى أصدر كتابا مهما حمل عنوان الشعر المحكي في الشام زمن الاستعمار الفرنسي يقدم في الكتاب دراسة ونصوصا اختارها من تلك المرحلة التي شهدت روحا نضالية عالية ..د
الشعر المحكي كان لسان حال الجميع ما إن يقع حدث ما حتى تعمل قرائح المبدعين على صوغه شعرا محكيا ينتقل وينتشر انتشار النار في الهشيم .
لم يترك هذا اللون من الشعر شيئا إلا تناوله ولاسيما السخرية من الفرنسي ومن يتعاملون معه .
لقد كان الشعر المحكي سلاحا فاعلا في إثارة العزيمة وتوثيق الحال وفضح فرنسا .
بل إنه الإعلام الشعبي الحقيقي الذي كان أكثر انتشارا من المطبوع لأنه ينتقل من لسان إلى لسان ولا يخضع لرقابة المستعمر
من الكتاب المذكور نقدم بعض القصائد المحكية وهي كثيرة في الكتاب الذي يجب أن يكون في كل بيت ومكتبة لأنه خزان الضمير الشعبي ونبضه
هونها يا مهون ..
يقول سلامة الأغواني مخاطبا الفرنسي المحتل :
شفتونا وعرفتونا …ما ليلة هنيتونا
ضيوف ثقال اجيتونا …هونها يا مهون
لبستونا واجيتو حجاب …بهمة خاين مع كذاب ..
وفي نص آخر يقول :
شو جايه تعمل ياجراد…ما واحد منا حبك
يكفينا جراد البلاد….ارحل لا تتعب قلبك ..
ومن الشعراء علي دياب الذي يقول :
ما مسيو ريح بالك من هالأوبة المبغوضين
واقعد لا تتعب حالك ….سورية للسوريين
ومن الشعراء أيضا ..ميشيل كحلا وآخرون وقعوا بأسماء غير أسمائهم مثل ..ابن دمشق ..ومجهول ..وصالحاني وغيرهم ..
مرويات الجلاء في الشعر المحكي خزان هائل من القيم والصور الوطنية التي يحب العمل على جمعها وحفظها لتبقى نبض القلب والعين .