قرن ونيف من العمل السياسي والنضال الدؤوب الذي خاضه السوريون مطلع القرن العشرين المنصرم، وتوج بهزيمة الاحتلال العثماني البغيض، ومازال السوريون يرسمون درب الأمل نحو الغد وقرن بالتمام والكمال، أكثر قليلاً، وهم يمارسون السيادة وصونها قولاً وفعلاً، في سورية ومن سورية أول مجمع للغة العربية التي بعثت وأحيت وصانت الرابطة القومية الأكثر صلابة ومن سورية اليقظة العربية، والمؤتمر السوري -الذي كان بمثابة البرلمان العربي- وضع الأهداف والغايات التي يناضل من أجلها أبناء العروبة .
تنبه إلى الخطر الصهيوني القادم، ودعا إلى المواجهة وحشد القوى والهمم للوقوف بوجه العدوان الغربي ومحاولته تمزيق الوطن العربي بزرع الكيان الصهيوني، ومع كل ما أحاق بسورية من نوائب وكوارث استعمارية، لم يتخلَّ السوريون لحظة واحدة عن قرارهم السيادي.
ولو تخلوا عن ذلك في أي مرحلة من المراحل، ما كان هذا العدوان المسعور الذي يشنه الغرب علينا، قرن من الفعل والنضال لعل أكثر مراحله صعوبة العقد الأخير هذا، حشدوا كل ما استطاعوا من أدوات عدوان مباشر وغير مباشر، وصلت إلى التدمير الممنهج، والإبادة الجماعية بالحصار ولقمة العيش، ومع هذا لم يكن لسوري مؤمن بهويته الوطنية وعروبته وانتمائه الحقيقي للوطن، والأرض والكفاح أن يفكر للحظة واحدة أنه يمكن أن يهون ويتساهل نحو الرموز والمؤسسات السيادية التي صانت الدولة السورية.
وهي قبل أي شيء حق مقدس، وواجب على أبناء أي وطن أن يدافعوا عن رموزه التي تعني الحرية والكرامة والقرار المستقل ومن أجدر منا بفعل النضال هذا؟
قرعوا طبول الحرب ونفذوا، صالوا وجالوا، وصمدنا، ناضلنا، ضحينا، مرت علينا نوائب وأحداث، ونعرف أن الجولة لمّا تنتهِ بعد، فيها الكثير الكثير، ونعرف أننا قد نعبر مضائق صعبة للغاية، لكننا لن نرمي نضالنا، ولن نترك ساحاتنا، وسنفدي رموزنا السيادية ونمارس استحقاقاتنا، مهما كانت التحديات (ومن خاض البحار لاتعجزه السواقي).
على علم ضم شمل البلاد، على موعد مع كل فعل نضالي خلاق ويصون وحدتنا، ويمضي بنا في صون مؤسساتنا الدستورية وحفظ سيادتنا، ومن أجل هذا كانت صفحات نضالنا وستبقى.
من نبض الحدث – ديب علي حسن