في الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، ثمة قضايا كثيرة تستحق التوقف عندها مطولاً والخوض فيها بكل دقة وتفصيل، فنتساءل عن سبب هذا العداء، وعن تلك المواقف الخارجية، وعن حجم الحملة الإعلامية وما يصاحبها من تهويل، بناؤه الأكاذيب، وعن روايات ملفقة، وكل ذلك يترافق مع تواصل حملات الضغط والحصار الاقتصادي، بصورة ازداد بشاعة وحقداً يوماً بعد آخر.
تأخذ عملية الانتخابات الرئاسية بعداً استراتيجياً بأبعاد دولية، باعتبارها تمثل تتويجاً لسنوات المواجهة ما بين الدولة الوطنية السورية من جهة، وبين قوى البغي والعدوان الخارجي، متمثلة بالولايات المتحدة الأميركية والغرب الاستعماري وأدواتهما الإرهابية من جانب آخر، فقد وظفت تلك القوى الباغية الكثير من إمكاناتها ومقدراتها لتدمير الدولة السورية، واستقدمت الإرهابيين كمرتزقة من جهات الأرض الأربع، ووضعت تحت تصرفهم كل التقنيات الحديثة، وواظبت على مدها بكل المعلومات الاستخباراتية على مدى أكثر من عشر سنوات، فماذا كانت النتيجة ؟.
هزيمة تلك المنظومة، واندحار قوى الإرهاب، مع استمرارها في مشروعها العدواني البغيض، في النتيجة المباشرة، أما النتيجة البعيدة فكانت ثبات وصمود بنية الدولة، بعدما كانت الهدف الأساس في هذه الحرب العدوانية بأبعادها الإرهابية هو تدمير بنية الدولة وتحويلها إلى دولة فاشلة، الأمر الذي لم يتحقق، ولن يتحقق، فماذا بعد؟.
لم تتوقف المعركة يوماً، والحرب ضد الإرهاب لم تنته، فمع كل انتصار أو إنجاز، كانت قوى البغي تحاول تفريغه من مضمونه، إذ لم تكن تريد الشعب السوري أن يعيش زهو تلك الانتصارات، فبعد تحرير مدينة حلب وتطهيرها من الإرهابيين، سارعت الولايات المتحدة الأميركية لدعم عصابات داعش في ارتكاب أبشع الجرائم والمجازر في تدمر، فكيف سيكون الرد أمام الحقيقة الكبرى، وهي ثبات مؤسسات الدولة واستمرار عملها حتى في ظل أسوأ الظروف، وهي كانت تعمل مركزياً في ظل وجود عصابات الإرهاب في عدة مناطق، الأمر الذي وضع المتابعين والمحللين أمام عقدة الفهم لهذه الحالة السورية الصعبة، وهي ما زالت عصية على فهم الخارج كله، بكل مراكز أبحاثه ومؤسساته البحثية ودراساته التحليلية التي يضعها أساساً في عدوانه على سورية.
ومعركة الانتخابات الرئاسية اليوم واحدة من تلك المعارك المستمرة، بل هي قمة تلك المعارك الناعمة في الحرب المركبة والمعولمة ضد سورية، وهذا يعكس حقيقة تلك الحكومات المعتدية، وهي قد فشلت في إسقاط الدولة عبد تدمير وتخريب وقصف المنشآت النفطية وخطوط السكك والطاقة الكهربائية والطرقات، بعد تدمير المستشفيات الحكومية والمدارس والمعامل وغيرها، فذهبت بعيداً في الحصار الاقتصادي الخارجي وفرض العقوبات بصورة مستمرة حتى شملت شخصيات ليس لديها أدنى رصيد مالي في أي مصرف خارج سورية.
وتبقى الأكاذيب مرفوعة في وسائل الإعلام صانعة الروايات الملفقة، ويبقى النظام الدولي والقرارات الأممية شماعة العدوان، فيما سورية لا تقف ضد أي مسعى سياسي للخروج بحل سياسي يصوغه السوريون وحدهم سواء كان في جنيف أو غيرها، وتلك القوى الباغية هي من يعطل عمل اللجنة الدستورية لتبدأ هذه الحملة المسعورة ضد الاستحقاق الدستوري في إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وهو الأمر العائد إقراره للشعب السوري وحده، وهو ما يقوم به غير عابئ بأي ضغوط، فمن مضى في المواجهة كل هذه السنين، لن يتوقف عند هذه الضغوط بعد أن تجاوز المراحل الأصعب، وانتصر فيها، وهو لا شك منتصر في هذه المعركة، وسيجبر المعتدين على الرضوخ للواقع المستجد، لأنه يمثل إرادة السوريين، وإرادتهم وحدهم.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد