لم يعد الأمر مجرد معاناة عابرة .. ولم يعد يحتمل الحلول الجزئية المؤقتة وسياسة الابتزاز والاستفزاز .. لقد طفح الكيل بهذه الجريمة المستمرة وتداعياتها.
من جديد -ومنذ ١٦ يوماً- الحسكة بلا مياه ، وجريمة قطع المياه من قبل المحتل التركي ومرتزقته تكررت أكثر من 23 مرة منذ تشرين الأول 2019 ، وبات العالم كله يعلم أن النظام التركي يستخدم المياه كسلاح حرب، أما المنظمات الدولية والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر فلا حول ولا تأثير لها في سلطات الاحتلال التركي لوقف هذه الجريمة المستمرة بحق السوريين الأبرياء في محافظة الحسكة ولاتستطيع أن تفعل شيئاً لإعادة ضخ المياه من محطة علوك، والصحيح أنها لا تريد ذلك.
من هنا وبعد أن نفد صبر المواطن نقول أيضاً لهذه المنظمات: لم يعد مجدياً خطاب ( التأكيد على أهمية تأمين المياه لكل إنسان في المنطقة وضرورة عدم استخدام المياه كأداة ضغط، ولم تعد مجدية كذلك الوعود ببذل المزيد من الجهود والتنسيق مع الأمم المتحدة لحل هذه المسألة، ولا يمكن الوصول إلى حل عبر هذه المنظمات التي يقتصر دورها -كما تصرح علناً- على نقل رسائل الحكومة السورية إلى جنيف ونيويورك .
ورغم أن كل القوانين تمنع استخدام المياه كسلاح لتحقيق أغراض سياسية وأيضاً يتعارض ذلك مع قرارات الأمم المتحدة ولا سيما قرارات الجمعية العامة لعام 2010 التي نصت بوضوح على أنه لا يمكن استخدام المياه لأغراض سياسية وأن ذلك يعتبر عملاً غير إنساني بل إنه إجرامي، إلا إن النظام التركي مستمر في جريمته بين فترة وأخرى بقطع المياه عن مدينة الحسكة كما هو الحال الآن، حيث مضى أكثر من أسبوعين ولم يتم ضخ المياه إلى مركز مدينة الحسكة بعد قيام قوات الإحتلال التركي بسرقة خطوط الكهرباء من الشبكة المغذية لمحطة علوك التي تعتبر المصدر الوحيد لمياه الشرب في الحسكة والمدن والأرياف المحيطة بها .
ورغم كل ما يحدث من تداعيات هذا القطع المستمر للمياه لم تستطع المنظمات الإنسانية والدولية أن توقف هذه الجريمة المستمرة التي تستهدف ما يزيد على مليون مواطن سوري في مدينة الحسكة وجوارها .
لقد أصبح واضحاً أن الحرب الجديدة للنظام التركي ومرتزقته والتي يحاولون من خلالها تحقيق ما فشلت به كل أشكال الحروب السابقة هي هذه الحرب التي تتمثل بقطع أهم متطلبات الحياة المعيشية للناس وتدميرها لاسيما الماء والكهرباء، ولذلك أصبحت معاناة المواطنين في الحسكة من قطع المياه بشكل أساسي جريمة موصوفة وعلنية بحق الإنسانية، الغريب أن المعاناة كبيرة وتتفاقم كل يوم والجميع يدرك أن الحياة بلا ماء مستحيلة ورغم ذلك لا يفعل أحد من دعاة الدفاع عن الإنسانية أي شيء ولو أضعف الإيمان ببيان أو كلمة تدين هذه الجريمة المستمرة، لقد طفح الكيل وكل الحلول الجزئية المؤقتة لم تعد مجدية، الحل الأمثل والدائم لجرائم قطع المياه والكهرباء والغاز، وانتهاك السيادة، وسرقة النفط والحبوب، والتهجير من المنازل لتحقيق النجاة من الفتنة، ورفع رؤوسنا وسقف الوطن عالياً هو زوال الاحتلال الأمريكي والتركي، لأن منطق الأشياء والتاريخ يؤكد أنه لا جدوى من طقوس الركوع و الحلول الجزئية المؤقتة .. دعونا نسرع إلى المقاومة التي تؤدي إلى زوال الاحتلال الذي هو سبب كل مصائبنا.
الكنز- يونس خلف