براعة الدستور

استغربَ الكثير من السوريين عندما بدأ عدد المترشحين لمنصب رئاسة الجمهورية يزداد شيئاً فشيئاً ويوماً وراء يوم، وازداد الاستغراب أكثر عندما وصل هذا العدد أخيراً إلى 51 مواطناً سورياً تقدّموا بطلب ترشحهم، وقد عكست صفحات التواصل الاجتماعي الكثير من هذا الاستغراب بل والاستهجان، معتبرين أن ثمة استهانة بما قد حصلت، فالبعض قال: ( يا جماعة يا ناس هذا منصب رئيس جمهورية وليس منصب رئيس بلدية ) والبعض الآخر لم يتقبّل ترشيح أي أحد بعد أن تقدّم السيد الرئيس بشار الأسد بطلب الترشيح، وهم يعرفون جيداً كم يحظى بتأييد شعبي واسع.. ومحبة تلف البلاد كلها.. وكأنهم يقولون لهم: إلى أين أنتم ذاهبون..؟!

ولكن في الواقع فإن المادة 84 من الدستور وضعت خمسة شروط للمرشح إلى منصب رئاسة الجمهورية، ومن الطبيعي أن كل من يتمتع بهذه الشروط يحق له أن يتقدّم بطلب الترشح، والواقع فإن من تنطبق عليهم هذه الشروط كثر جداً، فهي شروط بسيطة، أولها: أن يكون المرشح متماً الأربعين عاماً من عمره، وثانيها: أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة، وثالثها: أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية وغير محكوم بجرمٍ شائن ولو ردّ إليه اعتباره، ورابعها: أن لا يكون متزوّجاً من غير سورية، والشرط الخامس: أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.

الفلسفة الديمقراطية تقتضي قبول كل طلب يتمتع صاحبه بهذه الشروط الخمسة، مع مراعاة الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الدستور طبعاً، وهذا يعني أن الباب مفتوح بالفعل لعدد كبير من الناس أن يخوضوا هذا المجال.

ولكن المشرّع انتبه وببراعة شديدة إلى هذه الحالة، فليس من المعقول أن يُتاح أمام جميع من يحق لهم تقديم طلب الترشيح خوض الانتخابات، فقام المشرّع بإخضاع هذه العملية للفلترة وبطريقة ديمقراطية أيضاً وقانونية مبتكرة ترضي الجميع، وهي عرض طلبات الترشيح أمام ممثلي الشعب، وكل من يحظى من الذين رشحوا أنفسهم على تأييد خطي لترشيحه من 35عضواً من أعضاء مجلس الشعب يُعتبر ترشيحه مقبولاً، والذي يحالفه تأييدات خطية بأقل من 35 عضواً يكون ترشيحه لاغياً، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يعطي تأييده إلا لمرشح واحد، فماذا يعني هذا الكلام ..؟ هذا يعني أن عدد المرشحين إلى منصب رئاسة الجمهورية لا يمكن أن يزيد عن سبعة مرشحين مهما كانت عدد طلبات الترشح، لأن عدد أعضاء مجلس الشعب 250 عضواً، وإذا قسمنا هذا العدد على 35 يكون الناتج 7,1 ولذلك ليست القضية هنا بتقديم الطلبات، القضية بالقبول الذي تحدده عملية دستورية وديمقراطية أخرى حددها الدستور ببراعة.

ولذلك نحن من الآن إلى الثلاثاء أو الأربعاء القادم من المفترض أن تحدد المحكمة الدستورية العليا عدد الطلبات المقبولة التي قد تكون واحداً أو اثنان أو ثلاثة.. وأقصى حد سبعة.. إنها بالفعل براعة دستور.

على الملأ- علي محمود جديد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟ الخريجون الأوائل من الجامعات  للتعيين المباشر في المدارس   تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج...