الثورة أون لاين : هفاف ميهوب
كلّما بذلوا المزيد من الدماء، استنفرَ الوقت وأوقد اللحظات ترقّباً للمزيد من الشهداء.. تلوّنَ بألوانِ الحياة الصاعدة بهم، من ترابِ الوطنِ الذي عانقوه، إلى سمائه التي كانت ومازالت وستبقى، مضاءة بأرواحهم..
ترنو عيوننا إلى نجومها، مواكب تروح وتجيء ولا تنطفئ أنوارها.. تمتدُّ وتعتدُّ راسمة حكايا العنفوان السوري.. نتتبّع أصالتها فتشي رسالتها، بأنها المحفورة أبداً في الوجدان المرفوع مجداً، كلّلها بغارِ نصرهِ على كلّ عدوٍّ جرّه غلّه وحرام أصله، إلى ذلّهِ الأبدي.
كيف لا.. وقد حملتهم أرحامُ أمهاتٍ، لأنهنَّ رضعن حبّ الوطن من أمهنّ الكبرى سورية، أرضعن هذا الحبّ لأبنائهن، وأطلقوهم أرواحاً تسري في أرضهمٍ حياة باقية..
ارتقوا قديسين فيها، وبقيت أرواحهم تنبض في وجود كلّ من اعتادها، عصيّة على عدوّها، وأبيّة كعهدها، وخاليةٌ ممن يفكّر بتدنيس هوائها، أو حتى الإشارة بأصابعِ الشرّ، يريدُ النيلَ من إنسانها..
هؤلاء الشهداء، ليس ثمّة موعدٍ بينهم للارتقاءِ خلوداً سطّروه بتضحياتهم، لكنهم جميعهم على موعدٍ يتجدّدون فيه، وهو يوم الاحتفاء العظيم بذكراهم وعيدهم.. عيد الشّهداء الأحياء بتضحياتهم العظيمة، وكلّ يوم يؤكّدون أكثر، بأنهم فينا القيم والقيمة.
في عيدهم، ننصتُ إجلالاً يرنو إلى العلياء، فنسمعهم يُنشدون الحياة الأنبل والأعظم والأنقى.. الحياة التي نشعرها تتنفّس وهي تستدعي هواء الإباء، فتهبنا منه ما يجعلنا نصمت أمام صوت الشهيد الأبقى:
إنّي شهيدك يا بلادي، في قلبكِ أودعتُ فؤادي.. ارتقتْ روحي فيكِ، بقيَ نبضي يُحييك.. يسري في عمقِ عمقك، فأتماهى طُهراً بطُهرك…
إنّي الحياة وشمسها، وندى الأرض واخضرارها.. دمعةُ الطفلِ وفرحته، بـأمٍّ هي أبجديّته.. عطرُ الياسمين والحبق، والحقيقة منّي الحقّ انبثق.