لئن تكن سورية قد تجاوزت الكثير من محطات المواجهة ضد الإرهاب وداعميه بكثير من الثبات والصمود مع الاستمرار في اتخاذ الموقف المبدئي ذاته من حيث الالتزام بالحق الوطني والسيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي، فإنها اليوم تواجه واحدة من المحطات الأكثر شراسة على مدى السنوات العشر الماضية.
فنرى الغرب الاستعماري يثور ولا يهدأ إعلامياً وهو يحاول تعطيل مسار الاستحقاق الدستوري فيما يتعلق بموضوع الانتخابات الرئاسية، والسبب في ذلك أن شخصية السيد الرئيس بشار الأسد تمثل قضية جوهرية في مسيرة الصراع وفي عمليات العدوان الغربي الاستعماري على سورية، وكانت السهام توجه نحو سيادته في محاولات للضغط عليه للرضوخ لأوهامهم في القبول بشروطهم والخوف من تهديداتهم والانصياع لإملاءاتهم التي لا تريد لسورية إلا السير في الركب الأميركي، والتخلي عن الموقف المقاوم والرضوخ للمشروع الصهيوني، لكن كل محاولاتهم فشلت أمام حالة الصمود المتمثلة في عملية التلاحم ما بين الشعب والقوات المسلحة الباسلة والقيادة السياسية متمثلة بشخص السيد الرئيس، فهل بذلك ما يضير الشعب أو يتنافى مع القيم الوطنية الراسخة؟
لعل الرأي القائل إن كلفة السير خلف السياسة الأميركية هي أكبر بكثير من مخالفتها شكلت نقطة المواجهة الأصعب بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فواشنطن لا تتصور أنه يمكن لقائد أو سياسي في العالم الوقوف في وجه سياستها، فكيف الأمر بدولة صغيرة وهكذا موقف قوي!
من هنا بدأت عمليات الهجوم السياسي والإعلامي الممنهج ضد سورية، وكانت التصريحات والمواقف الرافضة والمعادية لسورية والتي تعد انتهاكًا للقانون الدولي وتعتبر تدخلاً فاضحاً في الشؤون الداخلية السورية، لكن قوى البغي والعدوان لم تكن تلتزم يوماً بالقانون الدولي والمواثيق الدولية والأعراف والمعاهدات سواء داخل منظمة الأمم المتحدة أم غيرها من المنظمات الدولية الأخرى، فكيف الأمر مع سورية وهي قد شهدت أكذب وأبشع وأقذر عمليات عدوانية على مدى أكثر من عقد، حيث تعاون العدوان الغربي الاستعماري مع الإرهاب إمعاناً في تدمير سورية النموذج المتفرد في العيش والتكامل والعطاء والتضحية والفداء.
ولم يكن مستغرباً بالنسبة لسورية هذه المواقف من جانب الأميركيين والأوروبيين على السواء، فهم من قاد وخطط ورسم خطوات وتفاصيل العدوان، وهم الواقعون تحت تأثيرات خلفياتهم التاريخية الاستعمارية، وهم الضالعون في التنكر لكل المواثيق والاتفاقات الدولية والاقليمية والثنائية، فكيف الأمر بالنسبة للدولة العربية التي وقفت ضد جميع مشاريع الاستعمار دوماً، وقد كان شعبها وجيشها متماهياً بشكل كامل في ظل قيادة استثنائية لرئيس لا يعرف الخوف إلى قلبه طريقاً؟
وتبقى حقيقة نتيجة الانتخابات أمراً مؤرقاً لدوائر الغرب المعتدية باعتبارهم يدركون طبيعتها لأنهم يعرفون أن القادة السياسيين الكبار يحظون بشعبية كبيرة تؤهلهم لتحقيق الفوز في أي معركة انتخابية، وهذه حقيقة في كل المجتمعات، ولا تقتصر على سورية وحدها، لكنها تتجلى فيها بصورة كبيرة بعد سنوات طويلة من الحرب الإرهابية القاسية ونتائجها الفاشلة ومنعكساتها المعروفة على مستوى الداخل تضامناً وصموداً ورفضاً لأي تدخل خارجي، وثباتاً كبيراً أمام التهديد والحصار وسلاح العقوبات الاقتصادية الظالمة، فهل بعد ذلك من حاجة لإيضاح أكبر؟
وفي هذه المعركة، شأن المعارك الماضية نتيجة معروفة ومحسومة، وقناعات ثابتة لا تتغير، وإيمان بوطن لا يعرف المساومة أو التراجع.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد