مرشحو الانتخابات الرئاسية يطلقون حملاتهم الانتخابية، وسفاراتنا في العديد من دول العالم تنهي استعداداتها لإجراء الانتخابات الرئاسية للسوريين في الخارج والمقررة في الـ20 من الشهر الجاري، وفي السادس والعشرين منه داخل سورية، واللجنة القضائية العليا للانتخابات تؤكد اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان حسن سير العملية الانتخابية دستورياً وقانونياً وفق أحكام قانون الانتخابات العامة وتعليماته التنفيذية.
هذه الأجواء الانتخابية الديمقراطية والتعددية، لا شك في أنها تعبر عن ثقافة الشعب السوري وتاريخه الحضاري العريق، وتكرس سيادة الدولة السورية وقرارها الحر المستقل، ولاسيما أنها تأتي في مرحلة حساسة وظروف استثنائية، في ظل الحرب الإرهابية المتواصلة، وسلسلة الضغوط الغربية المتصاعدة لثني السوريين عن ممارسة واجباتهم الوطنية والدستورية، بهدف مصادرة قرارهم وخيارهم الوطني، ولكن من يلاحظ هذا التفاعل والحراك الشعبي لإنجاح العملية الانتخابية، لا بد من أن يتيقن بأن هذه الانتخابات تكتسب شرعيتها من خلال تأييد الشعب لها، فهي تأتي وفق الدستور الذي أجمع على إقراره الشعب السوري، وليس من قبل قوى منظومة العدوان التي تضمر الحقد لهذا الشعب، وتسخر كل إمكاناتها وأدواتها الإرهابية للنيل من وطنه.
من الطبيعي أن تستمر منظومة العدوان بتصويب سهامها المسمومة على عملية الانتخابات الرئاسية، لأن إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري يعتبر نصراً سياسياً يضاف إلى الإنجازات السورية المتراكمة، خلافاً للأجندات العدوانية التي وضعتها الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون، ووكلاؤها وعملاؤها الإقليميون في سياق الأهداف الغربية المعلنة من وراء الحرب الإرهابية على سورية وشعبها، وإنهاء سفاراتنا في الخارج استعداداتها لتنظيم سير العملية الانتخابية بالشكل الأمثل وفق ما ينص عليه الدستور، إضافة إلى أنه يعكس مدى حرص الدولة على مشاركة جميع أبنائها – في الداخل والخارج- في حقهم الانتخابي، فإنه سيكون اختباراً آخر للدول الغربية المتشدقة بشعارات الحرية والديمقراطية، ففي حال منعت المواطنين السوريين المقيمين على أراضيها من ممارسة حقهم الانتخابي الذي كفلته الدساتير العالمية- وقد سبق لتلك الدول المعادية أن فعلت ذلك عام 2014- فهذا سيميط اللثام مجدداً عن الوجه الحقيقي للغرب الاستعماري ويعري ازدواجية المعايير التي يمارسها بحق الدول المناهضة لسياساته العدوانية، وفي الوقت ذاته سيثبت حقيقة اندحار المشروع الغربي وأدواته الإرهابية التكفيرية.
سورية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تستكمل خلالها انتصاراتها على الإرهاب والقوى الغربية والإقليمية الداعمة له، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي بنجاح، سيشكل رسالة بالغة الأهمية، بأن الدولة السورية لا تزال قوية بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأن قوى الإرهاب العالمي لم تستطع خلال السنوات العشر الماضية من عمر الحرب الإرهابية أن تنال من هيبة الدولة ومؤسساتها، ولذلك فإن السوريين مدعوون اليوم للمشاركة الفاعلة للرد على المتآمرين والحاقدين، وهم بلا شك سيختارون بحرية وشفافية المرشح القادر على ترجمة تطلعاتهم وأمانيهم في إعادة الأمن والاستقرار لكل ربوع وطنهم، وهم يحترمون الحملات الانتخابية لمرشحيهم لمنصب الرئاسة، لأن في ذلك احتراماً للوطن، وتقديراً لتضحيات شهدائنا الأبرار الذين استرخصوا دماءهم في سبيل الدفاع عن هذا الوطن، لكي يبقى حراً وعزيزاً شامخاً.
بقلم أمين التحرير ناصر منذر