بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
من راقب خطوات منظومة العدوان ضد سورية خلال الأسابيع الماضية يدرك جيداً أنها لم تكن تستهدف فقط الطعن بشرعية الانتخابات الرئاسية، والتشكيك بقانونيتها، ومحاولة التشويش عليها، بل أرادت أن تحقق أكثر من هدف بآن معاً، تبدأ من “شيطنة” الحكومة السورية، وتمرّ بتأليب الرأي العام العالمي ضدها، لتنتهي بإصدار القرارات والبيانات التي تمهد لمزيد من العدوان عليها، وأخيراً الضغط عليها للقبول بالمشروع الغربي المعد لسورية.
لنبدأ من الخطوة الأخيرة لمنظومة الشر، والتي جاءت منذ أيام بأمر عمليات لأقطاب محور العدوان لمنع اللاجئين والمهجرين السوريين من المشاركة بالانتخابات، وتصدرت المشهد تركيا وألمانيا اللتان حاولتا الطعن بدستورية الانتخابات الرئاسية وشرعيتها، وحاولتا بث الكثير من أخبار وقصص التضليل حولها للتشكيك بنزاهتها وقانونيتها، لأنهما، وبالتنسيق مع واشنطن وبقية أقطاب منظومة العدوان، يدركون أن نجاح الانتخابات في سورية سيشكل انتصاراً سياسياً كبيراً يوازي النصر الميداني الذي حققه شعبها وجيشها على الإرهاب ومشغليه، وسيطوي مشاريع هذه المنظومة الاستعمارية إلى غير رجعة.
ثم نذهب إلى محاولات “الشيطنة” التي ظهرت واضحة جلية في ما أسماه البيت الأبيض مؤخراً “استمرار حالة الطوارئ الوطنية الأميركية فيما يتعلق بسورية”، فقد حاول المتصهينون في إدارة جو بايدن، وهم يبررون لمواطنيهم السبب وراء تمديد “حالة الطوارئ” المذكورة، تمرير الكثير من الأكاذيب كي يشيطنوا الحكومة السورية والدولة السورية، وذلك من خلال إيهام الرأي العام الأميركي والترويج بأن سورية تدمر الاقتصاد الأميركي، وتهدد أمن الولايات المتحدة، وتدعم الإرهاب العالمي المزعوم.
و”الشيطنة” المطلوبة كانت بحاجة إلى مزيد من الأكاذيب والمسرحيات والبهارات لتقنع الرأي العام الأميركي قبل غيره بصوابيتها، ولذلك رأينا البيت الأبيض، وهو يتحدث عن مبررات إجراءاته المتغطرسة المذكورة، وما يسميه التهديد المزعوم وغير العادي لأمن الولايات المتحدة القومي وسياستها الخارجية واقتصادها، رأيناه يحاول النفخ بمسرحيات الكيماوي وتلفيقات حقوق الإنسان ودعم الإرهاب المزعوم، ومتابعة سورية لما تسميه واشنطن برنامج أسلحة الدمار الشامل، وربما لو أسعفت هؤلاء الغزاة ذاكرتهم لأضافوا إلى قائمة اتهاماتهم الباطلة دور سورية بكارثة “ثقب الأوزون” وربما مصائب المناخ في الكرة الأرضية برمتها.
ليست “الشيطنة” وحدها الهدف، وليس التشويش على الانتخابات المراد فقط، بل ممارسة المزيد من الضغوط على سورية من أجل القبول بشروط منظومة العدوان للحل السياسي، وكتابة دستورها بما يتناسب مع مقاسات واشنطن وأطماعها، ومحاولة إخراجها من محور المقاومة وتبعيتها للمحور الصهيو أميركي، من هنا جاءت الخطوة الثالثة في بيان وزراء خارجية مجموعة الدول “السبع الكبار” الأخير، والذي جاء في سياق حملات التضليل المستمرة والمكشوفة الأهداف والنوايا، وتماهى تماماً مع سياسة الولايات المتحدة الخاصة بفرض رؤيتها للحل السياسي في سورية بشكله العام، ومحاولة فرض خطتها للمساعدات الإنسانية التي تريد تمريرها تحت رقابتها وإشراف إرهابييها بشكل خاص، وبعيداً عن تدخل من دمشق صاحبة الحق في ذلك وصاحبة السيادة على الأرض.
بهذه الصورة تتضح حقيقة الأهداف الاستعمارية المتعددة التي تتضمنها تلك الضغوط وذاك التضليل والقرارات والاجتماعات والبيانات العدوانية المتتالية، التي ذهبت أدراج الرياح مع الحشود الكبيرة للسوريين أمام سفاراتنا يوم أمس، والذين أدلوا بأصواتهم وعبروا عن خيارهم دون أدنى التفات لضغوط منظومة العدوان ومؤامراتها، وشكلوا تياراً سورياً جارفاً لكل ما يعترضهم من تضليل من قبل المعتدين وأدواتهم.