العمل، هو عنوان المرحلة الجديدة التي سيستكمل خلالها السوريون مسيرة انتصاراتهم، وتجاوز مفاعيل الحرب الإرهابية على مختلف الصعد، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي بهذا النجاح الباهر هو الأساس المتين لدعائم هذه المرحلة، حيث يعكس الكثير من المضامين ذات الدلالات الواضحة، وله أبعاده السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ويمكن الجزم بأن المشاركة الشعبية الكثيفة في الانتخابات هي التي فرضت معادلات قوة مضاعفة لا يمكن للدول الغربية المعادية أن تتجاوزها، لأن هذا الإقبال الكثيف، سواء داخل حدود الوطن، أو خارجه، إضافة للمسيرات والتجمعات الجماهيرية الحاشدة التي عمت ساحات الوطن احتفاء بإنجاز هذا الاستحقاق، هو في الحقيقة ليست عملية اقتراع لاختيار مرشح لمنصب رئيس الجمهورية وحسب، وإنما هو استفتاء شعبي على النهج السياسي والوطني للقيادة السورية الحكيمة، ممثلة بموقع الرئاسة، الذي كان على قائمة الاستهداف الأميركي والغربي طيلة سنوات الحرب الإرهابية الماضية.
نتائج الانتخابات جاءت ترجمة حقيقية لإرادة وقرار الشعب السوري – وهذا وحده رد كاف على أصحاب الرؤوس الحامية في الغرب وتصريحاتهم العبثية- فالسوريون يدركون أن المرحلة القادمة، هي مرحلة العمل الدؤوب للنهوض بسورية المتجددة، وهي تحتاج لقائد تاريخي كبير بوزن الرئيس الأسد، الذي حافظ على الوطن طوال السنوات الماضية، مستمداً قوته من قوة وعزيمة هذا الشعب الأبي الصامد، الذي آمن بوطنه فانتصر، وواجه هذه الحرب الشرسة من أجل الحفاظ على استقلال قراره، وحماية سيادة بلده، وصون مؤسساته الدستورية والتشريعية، فكان له ما أراد، وهذا الانتصار ثبت موقع سورية المحوري، ودورها القوي الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي، وستبنى عليه تحولات ملموسة على مستوى المنطقة ككل، وكذلك على مستوى المواقف الدولية، فهذا الزخم الشعبي الكبير قبل، وأثناء، وبعد، الانتخابات دفع الكثير من الدول المعادية للتسليم بواقع هزيمتها أمام إرادة الشعب السوري، ولا بد أن تجبر على مراجعة حساباتها وتقديراتها الخاطئة حفاظاً على ما تبقى من هيبتها.
الانتخابات ونتائجها، هي عنوان عريض لانهيار المشروع الصهيو- أميركي برمته على أسوار دمشق، وعندما يقر السفير الأميركي السابق روبرت فورد، بأن هذه الانتخابات أفشلت مخططات قوى العدوان الكبرى، وأثبتت فشل السياسة الأميركية، فهذا دليل إضافي على أن سورية انتصرت على الإرهاب وداعميه، وهذا كله بفضل صمود هذا الشعب، وحكمة قيادته السياسية، وتضحيات جيشه البطل، وإقرار فورد، هو اعتراف ضمني بهزيمة المخطط الأميركي، وكل ما أعدته دوائر الاستخبارات الغربية من سيناريوهات عدوانية، لاستهداف الدولة السورية، وتدمير مؤسساتها، وتفكيك عُرا وحدتها الوطنية، وبالتالي إخضاعها للمشروع الغربي، كبوابة دخول يتسلل منها الغرب الاستعماري لإضعاف محور المقاومة، وتخريب وتفتيت ساحات المنطقة، لإعطاء الكيان الصهيوني مشروعية احتلاله، وجعله صاحب الكلمة العليا في تقرير مصير ومستقبل شعوب هذه المنطقة.
الانتخابات، وما رافقها من طوفان بشري، مشاركة، ودعماً، وتأييداً، واحتفاء بالإنجاز والفوز، وضعت الدول المتآمرة أمام مأزق حقيقي أمام شعوبها، فكيف يتسنى لها تبرير سلوكها الإجرامي، وسياساتها العدائية تجاه القيادة السورية طالما أن هذه القيادة تعبر عن تطلعات الشعب السوري، وتتحدث بلسانه، وتترجم على أرض الواقع خياراته وثوابته الوطنية التي تربى عليها، إذاً فحكومات تلك الدول كانت طوال الوقت تكذب على شعوبها، وتضلل الرأي العام العالمي، فهذه الانتخابات كشفت أن تمسك الشعب السوري بدولته وقيادته ومؤسساته، والتصاق الدولة بالشعب، هو أكبر من انفصال تلك الحكومات عن الواقع، وأقوى من حجم أكاذيبهم التي روجتها لتشويه حقيقة الأحداث في سورية، ومن هنا فإن الطعن المسبق بشرعية الانتخابات جاء لخشية تلك الحكومات من إظهار الصورة الحقيقية أمام شعوبها، ويبقى السؤال: إلى متى ستبقى تلك الدول تكذب؟، وهي قد أيقنت بأن كسر إرادة الشعب السوري أمر محال، وبأي زمان كان.
بقلم أمين التحرير ناصر منذر