الشّعبُ شاء

 

الملحق الثقافي:ثراء الرومي:

ها قد قال السّوريّون كلمتهم، ها قد طوت بلادي عشر سنواتٍ عجاف بفرحٍ أسطوريّ يليق بها، إذ خرجت من رحم الوجع والقهر والفقد بأعجوبة.
ذلك المدّ البشريّ الجامح أذهل العالم بأسره، ليصبح شاهد العَيان “عَيّاناً”.. أي مريضاً بلهجةِ إخوتنا في مصر الشّقيقة، فالمشهد أعظم من كلّ الفبركات الإعلاميّة الّتي بدأت بها شرارة الحرب علينا.. المشهد أروع اختزال لإرادة السّوريّين الذين قالوا نعم بملء قلوبهم وحناجرهم، ورفرفت رايتهم عالياً كما في كلّ حين، رغم الظّروف الّتي حاولت استلاب تلك الإرادة الفولاذيّة، ليُعلنوا للكون أجمع: “عرينُ العروبة بيتٌ حرام/ وعرش الشّموس حمىً لا يُضام”.
فمن يملك الجينات السّورية الحقّة لن ينحني ولن يلين، ولن يسمح بأن تكون سوريّتنا الغالية رقعة شطرنج يتحكّم بها أحد، والأعراس الممتدّة على كامل رقعة البلاد، أكبر شاهد على إرادتنا الحرّة الأبيّة.. فلطالما غنّى السّوريّون: “سمائي وأرضي ومائي/ أبيَّه أبيَّه أبيَّه”.
لقد أزهرت ضحكة شقائق النّعمان بعد فيض الدّموع.. لقد أزهرت دماء الشّهداء نصراً مؤزّراً عسى القادم يكون أجمل، فمشهد ساحة الأمويّين وكلّ ساحات بلادي اليوم، يذكّر بمشهدها قبل السّنوات العجاف حين أُعلِنَت سوريّتنا الغالية بلداً خالياً من الدّيون، ونأمل كسوريّين، بهمّة الشّرفاء من أبنائها، أن يعود إليها ذلك الازدهار الّذي كنّا قد بدأنا نجني قطافه قبل أن يشعلوا أخضرنا ويابسنا بشتّى أشكال الحقد والضّغينة.. ولكنّ الزّرع المبارك يقاوم المحلَ لينمو من جديد، والتّربة الخصبة ولّادة لكلّ خير.
بالأمل والعمل سينهض الفينيق السّوريّ من رماده، فمارد الفرح قد خرج من قمقمه ولن يعود إليه بعد الآن، لأنّنا صنّاع الفرح والحياة.. وكما قال السّيّد الرّئيس في رسالة شكره للسّوريّين الّذين جدّدوا ثقتهم به، وبايعوه بكلّ محبّة وثقة، بأنّه ربّان السّفينة الّذي سيقودها إلى برّ الأمان: “لأجل تضحياتهم جميعاً، لأجل مستقبل أطفال سوريّة وشبابها” سيكون بدء البناء عبر ترجمة شعار الأمل بالعمل، إلى واقع نصنع به غداً يليق بكلّ السّوريّين.
في ختام مقالي هذا، لا يسعني إلّا أن أعبّر عن فرحي، عبر قصيدتي الشّعريّة الّتي تحمل عنوان “أصابع الضّاد قالت نعم”:
مُدَّ الأصابعَ/ سندسُ الأشجارِ من كفّيك جاءْ/ زرقةُ البحرِ استعارَتْ/ من وريدك بعضَ أجنحة الضّياءْ/ مدَّ الأصابع/ تنحني حورٌ معتّقةُ الشّموخِ/ لتستظلَّ ندى الجبينْ/ مدَّ الأصابعَ أرزةً/ ومآذن/ وكنائس في القدسِ/ تَلهَجُ بالدّعاءْ/ مدّ الأصابعَ/ رافدَين وعاصياً/ متفرّدَ المجرى/ يُلوّحُ بالإباءْ/ لا لن تُضام شآمنا/ ما دام حافظُ عهدنا البشّارُ/ معترشاً عرينَ الكبرياءْ/ كمْ من رياحٍ أقبلَتْ/ تبغي استلابَ نجومِنا/ كم من رياحٍ أدبرَتْ/ خذلى يسربلُها الهوانْ/ مهما عوت في الأرض ريحٌ/ لن تهزّ حصونَنا/ وعرينُ بشّارٍ لنا العنوان/ قُدْ فُلْكَنا واعبر بنا/ أملاً بعملٍ/ يستثير نفوسنا/ ما عاد مدٌّ يستبيحُ سكونَنا/ ما عاد إعصارٌ يروّعُ/ مَن حَبوكَ القلبَ والوجدانْ/ نعمٌ تقولُ شفاهُنا/ ألْفٌ تقول قلوبنا/ وحروفها تبغي امتداداً علّها/ إن طالتِ السّحبَ العليّةَ/ واستطالَتْ بين جفنَي أرضنا/ هطلت بشائرَ بيعةٍ/ نحن الجذورُ لها/ وفروعها شهبُ السّنا/ فلتمطرِ الدّنيا “نعم”/ فلتزهرِ الأشجارُ/ بين شفاه غوطتنا “نعم”/ ولتهزجِ الأسماك في بردى/ وعاصٍ والفراتِ/ وكلِّ أنهار البلاد “نعم”/ فلَكَ القصائدُ تستمدّ بحورَها/ من رافدَيكَ: العقلَ والإنسانْ/ مدّ الأصابعَ/ وارفعِ الكفّ الجليلةَ بالقَسَمْ/ لا ليس ننتظر اليمينَ/ لنبتغي صدقَ اليقينِ وإنّما/ نبغيه عرساً للشّآمِ وللوطن/ فدعِ الأصابعَ تعزفُ البشرى لنا/ بكَ قائدَ المشوارِ/ بوحَ الغارِ في آفاقنا/ ما شاءَ إعصارٌ إذا ما الشّعبُ شاءْ/ ما شاءَ إعصارٌ إنِ البشّارُ شاءْ.

التاريخ: الثلاثاء1-6-2021

رقم العدد :1048

 

آخر الأخبار
بعد توقف سنوات.. تجهيز بئر مياه تجمع «كوم الحجر» "موتوريكس إكسبو 2025" ينطلق الثلاثاء القادم رؤية وزارة التربية لتشريعات تواكب المرحلة وتدعم جودة التعليم العودة المُرّة.. خيام الأنقاض معاناة لا تنتهي لأهالي ريف إدلب الجنوبي منظمة "رحمة بلا حدود" تؤهل خمس مدارس في درعا مجلس مدينة سلمية.. مسؤوليات كبيرة و إمكانات محدودة إنقاذ طفل سقط في بئر مياه بجهود بطولية للدفاع المدني  المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق وقف إطلاق النار هجمات " قسد " و" الهجري " .. هل هي صدفة  أم أجندة مرسومة؟! تجربة إقليمية رائدة لوفد من الاتصالات وحداثة النموذج الأردني في تنظيم قطاع الاتصالات والبريد  صعود الهجري وتعقيدات المشهد المحلي في السويداء.. قراءة في ملامح الانقسام والتحوّل  العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي يطالبون بإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الأساسية رغم التحديات الكبيرة.. انتخابات مجلس الشعب بوابةٌ للسلم الأهلي  اختيار الرئيس 70 عضواً هل يقود إلى ... صناعيون لـ"الثورة": دعم الصناعة الوطنية ليس ترفاً المجمع الإسعافي بمستشفى المواساة الجامعي .. 93 بالمئة إنجاز يترقب قراراً للانطلاق باحث اقتصادي يقترح إعداد خطط لتخفيض تكاليف حوامل الطاقة  حلب تضع خارطة طريق لتطوير البيئة الاستثمارية وتعزيز التنمية الاقتصادية اختتام امتحانات الثانوية العامة.. طلاب حلب بين الارتياح والترقّب  الثروة الحراجية في درعا.. جهود متواصلة تعوقها قلّة عدد العمال والآليات دعم الأميركيين لحرب إسرائيل على غزة يتراجع إلى أدنى مستوى