تعيد ذكرى الخامس من حزيران المشؤومة إلى الأذهان ما حدث من مآس مؤلمة ألقت بظلالها على القضية الفلسطينية، وطالت تداعياتها الوطن العربي لما أحدثته هزيمة حزيران عام 1967 من تحول جوهري في المنطقة بكاملها، ولعل الأحداث الجارية في الوقت الراهن، وفي ظل الحرب الإرهابية على سورية، تثبت أن نكسة الوجدان العربي اليوم تكمن أيضاً في تآمر بعض الأنظمة العربية على سورية، بعد وقوف تلك الأنظمة في الخندق المعادي، ليس لقضية فلسطين وحسب، وإنما للأمة العربية جمعاء.
عزاء السوريين أن ذكرى النكسة تمر اليوم، وسورية تسجل انتصاراتها المتلاحقة على كل الدول الداعمة للكيان الصهيوني، واللاهثة لتحقيق مشروعه التوسعي في المنطقة عبر البوابة السورية، والكيان الصهيوني هو شريك أساسي في هذه الحرب، والدول الغربية التي دعمته بالمال والسلاح خلال نكسة حزيران، هي ذاتها التي تقود الحرب الإرهابية على السوريين، لتمكين هذا الكيان الغاصب من تثبيت وجوده اللا شرعي في المنطقة على حساب الحقوق العربية، وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة.
54 عاماً على ذكرى النكسة، والاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على الوجود الفلسطيني، لتصفية القضية الفلسطينية من الأساس، عبر الإيغال بارتكاب الجرائم، ومصادرة المزيد من الأراضي، وإقامة المستوطنات وتهويد كل المعالم الحضارية العربية والإسلامية، وسط حالة من الصمت الدولي والانحياز الأميركي الفاضح للكيان الصهيوني الغاصب، في محاولة لفرض الحلول السياسية وفقاَ لشروط الإدارة الأمريكية اللاهثة وراء تمرير ” صفقة القرن”، التي أجهضها صمود محور المقاومة وفي مقدمته سورية التي لم تتخل لحظة واحدة عن القضية الفلسطينية، وما زالت تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني رغم شراسة الحرب التي تتعرض لها، وسلسلة الضغوط التي تمارسها قوى منظومة العدوان لثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية.
غداة نكسة حزيران، لم تهدأ سورية ولم تستكن من أجل العمل على محو آثار النكسة، فجاءت حرب تشرين التحريرية التي حطمت غرور حكام العدو، ولتشكل نبراساً ومحطة في طريق النضال لتحرير الأرض المسلوبة وإعادة الحقوق العربية المغتصبة، فكانت إعلاناً واضحاً لبدء زمن الانتصارات والمقاومة، ونهاية لزمن الهزائم، فكانت الحرب العربية الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي كسرت جدار اليأس بعد النكسة، ورسخت حقيقة أن سورية العروبة لا تزال تدافع عن وجود الأمة العربية ومستقبلها وهى لم ولن تبخل بتقديم التضحيات دفاعاً عن الحقوق العربية في وجه الكيان التوسعي المدعوم من حلفائه من دول الغرب الاستعماري.
وبسبب تلك المواقف المشرفة للدولة السورية، فإن العدو الصهيوني وداعميه في أميركا وأوروبا، لا ينفكون عن استهداف الشعب السوري المقاوم، ويقدمون المزيد من الدعم لما تبقى من أدواتهم الإرهابية ” داعش والنصرة” وملحقاتهما من التنظيمات التكفيرية، والميليشيات الانفصالية العميلة، ولكن السوريين يلحقون الهزائم تلو الأخرى بمرتزقة الغرب المتصهين، ويمزقون بانتصاراتهم وصمودهم بقايا أوراق المشروع الصهيو-أميركي.
بقلم أمين التحرير ناصر منذر