أضاف السوريون بإنجازهم الاستحقاق الرئاسي لبنةً أخرى تثبت واقع انتصارهم على الإرهاب وداعميه، ولكننا لا نتوقع أن يستسلم رعاة الإرهاب بسهولة لواقع هزيمة مشاريعهم في سورية، فـالصفعة الشعبية القوية التي تلقوها أثناء الانتخابات وبعدها، لا تزال مفاعيلها تنخر مداركهم العقلية وتبقيهم منفصلين عن الواقع، وهذا مرده إلى أن الدول المشاركة في الحرب الإرهابية – ومنها دول عظمى- لم تستوعب واقع هزيمتها أمام دولة قللت من شأن إمكانياتها المحدودة، وقدرات شعبها العظيم، ولذلك لا تمتلك تلك الدول الجرأة الكافية للاعتراف رسمياً بفشل سياساتها العدوانية حفاظاً على “هيبتها” الدولية، رغم أن بعض الإعلام الأميركي والأوروبي، وبعض مهندسي الحرب السابقين أقروا بالانتصار السوري، وبالفشل الغربي.
حتى تصل تلك الدول إلى مرحلة الإقرار بواقع هزيمتها- أو الاعتراف الضمني على أقل تقدير- فهي تحتاج للكثير من الوقت، و”اللف والدوران” لإيجاد مخرج ملائم يبرر لها أي جنوح قسري نحو إعادة حساباتها وتقديراتها من جديد، وهذا لا يعني التوقف عن ممارسة سياساتها العدوانية بأشكال مختلفة، وترك الباب مفتوحاً لمحاولة إعادة تأجيج الأوضاع، على أمل تحقيق أي مكسب سياسي يعوض حالة الفشل الملازمة لمشاريع تلك الدول، وهنا نلاحظ كيف تناور الولايات المتحدة على وتر “المساعدات الإنسانية” لاستغلال آلية إيصالها عبر معابر غير شرعية بهدف تكريس واقع جديد على الأرض يخدم أجنداتها الاحتلالية، ويتيح لها مواصلة إيصال تلك ” المساعدات” إلى إرهابيي “النصرة” في إدلب، وميليشيات “قسد” العميلة في منطقة الجزيرة.
عملية التسلل التي قام بها الوفدان الفرنسي والهولندي إلى داخل الأراضي السورية بالتواطؤ مع مرتزقة “قسد”، تزامناً مع تصعيد نظام أردوغان إجراءاته العدوانية لفرض سياسة التتريك كأمر واقع في إدلب، تصب أيضاً في إطار المحاولات المحمومة من قبل منظومة العدوان لفرض واقع تقسيمي على الأرض، بهدف منع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها الكاملة على أراضيها، وبالتالي العمل على إطالة أمد الأزمة ومنع تظهير أي حل سياسي، وهذا يعني إصرار دول منظومة العدوان على مواصلة سياسة الضغوط والابتزاز، لإظهار نفسها بأنها لا تزال تتحكم بخيوط اللعبة وفق ما يلائم سياساتها ومصالحها الاستعمارية، وهذا ما رد عليه السوريون يوم الانتخابات عندما قلبوا الطاولة فوق رؤوس ومخططات المتآمرين.
الدول المعادية تحاول تفريغ مضمون نصر السوريين السياسي، ومنعهم من البناء على ما جسدته الانتخابات الرئاسية من لحمة وطنية قلّ نظيرها، وما أفرزته من نتائج أصابت مشاريع الأعداء في مقتل، وعلى تلك الدول أن تمعن النظر بما أجمع عليه السوريون يوم قالوا كلمتهم الفصل: (نعم للوطن وقائده – لا للإرهاب – لا للاحتلال – لا للخونة والعملاء)، ولهم بالانتفاضة الشعبية ضد قوات المحتل الأميركي، والمقاومة الشعبية ضد مرتزقة “قسد” في الحسكة ودير الزور وصولاً إلى منبج، خير شاهد على أن الشعب السوري لا يسكت على ضيم، وإدلب أيضاً على موعد قريب مع انتفاضة ومقاومة شعبية مماثلة ضد إرهابيي أردوغان، وضد سياسات التتريك التي ينتهجها نظامه الإخواني، فالسوريون لن يسمحوا لأي قوات أجنبية غازية ومحتلة، أو مرتزقتها من تنظيمات إرهابية وميليشيات انفصالية الاستمرار بتدنيس أرضهم، فمسيرة انتصاراتهم متواصلة حتى اجتثاث الإرهاب ودحر داعميه.
بقلم أمين التحرير ناصر منذر