الثورة أون لاين – ورود سلوم:
لمسة وفاء ونغمة حرية وانتصار من قلعة دمشق التي تكالب عليها الأعداء وبقيت شامخة شموخ الجبال..
موسيقى الجيش و الاوركسترا الوطنية ينبضان بالموسيقى في سماء دمشق
الموسيقى غذاء الروح ، محركة الشعور ، مقوية العزيمة وقاهرة الهزيمة. هي اللغة المشتركة بين الشعوب يفقهها ويترنم بها الصغير قبل الكبير وكل ذواق للحياة وقيمها الروحية.
تعد من أهم مكونات الطبيعة الإنسانية منذ بدء الخليقة فقد حملها الافراد والمجتمعات معهم جيلا بعد جيل في حلهم وترحالهم وكانت عابرة للحدود ومقربة للأزمنة . واتفقت عليها الحضارات الإنسانية جمعاء بأنها تسمو بالنفوس وتبعث فيها نشوة الأمل والفرح.
ويعود بنا التاريخ الى فترات الحضارة السورية العريقة المتعاقبة حيث اشتهرت سوريتنا بفن الموسيقى والغناء والشعر وبلغ من التطور والنضج ما يؤكد عن مدى تعلق السوريين المبكر بهذا الفن وكانت موسيقى “أوغاريت” أول نوتة موسيقية تشهد على انطلاق عصر الفن بنسخته البشرية واخذ بالتطور التاريخي عبر العصور حتى بلغ ذروة تألقه في ميادين الحضارة العربية فاهتموا بها وبقيمها وإبداعاتها وبرزت في إتقان السلم الموسيقي والآلات الموسيقية وصناعتها التي أضحت حرفة متقنة لدى العرب وساهموا في ابتكاراتها ويذكر التاريخ أن أبناء موسى بن شاكر في القرن التاسع الميلادي أسسوا لقواعد الموسيقى الميكانيكية واستعملوا البريخ لتوزيع الألحان وغيرهم الكثير ممن صنعوا الآلات الموسيقية في الوقت الذي لم تظهر بوادرها في اوروبا الا في اواخر القرن السادس عشر الميلادي.
وتنوعت استخدامات اللحن الموسيقي في مختلف المجالات الاجتماعية و الدينية و العسكرية .وتشير المصادر الى انه تم إثبات وجود الموسيقى العسكرية منذ قديم الزمن وتحديدا قبل الميلاد ، وكانت الفرقة مشكلة من آلات (الفلوت و الترمبيت و الإيقاع) وهو أقدم تشكيل للفرق الموسيقية، وفيما بعد تطورت الموسيقى العسكرية بشكل كبير.
وبرزت موسيقى الجيش العربي السوري والقوات المسلحة بشكل لافت بأدائها المميز منذ بداياتها وعبر تاريخ نضال جيشنا العربي الباسل وكانت مشاركاتها العديدة في المناسبات الداخلية والخارجية محط اعجاب وتقدير الكثيرين حيث نجد لحنها وايقاعاتها المميزة أثناء الاحتفال بالمناسبات والأعياد الوطنية والعسكرية بما يتضمنه من عروض عسكرية في شوارع المدن السورية وحدائقها ، والمشاركة بتشييع شهداء الواجب الوطني وبحفلات تخرج الضباط من الكليات العسكرية والمهرجانات المحلية والدولية مثل : دمشق عاصمة الثقافة العربية، الدورة الرياضية العربية الخامسة والعديد من المعارض والمناسبات التي كانت تستضيفها دار الأسد للثقافة والفنون (دار الأوبرا) والجامعات السورية.
وشاركت موسيقى الجيش ضمن فرقة المسرح العسكري ، كما شارك بعض العازفين من موسيقى الجيش مع عدد من الملحنين والفنانين العرب. ويزخر ارشيف موسيقى الجيش بمخزون كبير من العروض والحفلات و المقطوعات والأغاني و الأناشيد الوطنية والمارشات والمعزوفات القديمة والجديدة.
و ضمن احتفالات فعالية “بسواعدنا عمرانة” فقد أحيت موسيقى الجيش بالمشاركة مع السيمفونية الوطنية في قلعة دمشق مساء الاثنين ( 7/6/2021) ، احتفالات بمناسبة انتصار الشعب السوري في قراره الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد. وجسدت الأمسية مقطوعة موسيقية إبداعية عالمية امتزج بها الفن السوري الاصيل مع المؤلفات العالمية الشهيرة ذات الطابع الأوبرالي والأغاني الوطنية السورية التي امتزجت بأرواحنا وتربعت في ذاكرتنا الجمعية لأهميتها في تاريخ مسيرتنا ونضالنا الوطني العريق.
وعزفت فرقة موسيقى الجيش العربي السوري نشيد موطني لتعلن بداية الأمسية ولتبدأ بعدها الأوركسترا الوطنية بافتتاحية اوبرا “حلاق اشبيلية” للمؤلف الموسيقي الإيطالي روسيني والتي ينتصر فيها الحب بعد الصراع. ثم أدى مغني الأوبرا المغترب نبيل سليمان الأغنية الشهيرة عالميا “فيغارو”، وبعد ذلك انتقل الجمهور إلى دنيا الاحاسيس والانفعالات مع افتتاحية أوبرا ” قوة القدر” للمؤلف الإيطالي فيردي . وبعدها حلق جمهور قلعة دمشق في سماء موسيقى “اوغاريت” من خلال عازف الأوكرديون وسام الشاعر وتوزيع مهدي المهدي التي اكدت على ان سورية صامدة في وجه العاتيات وانها انتصرت على اعدائها وقادرة على النهوض من ركام الحرب لتعود بسواعد أبنائها حرة أبية مزدهرة.
وأضفت موسيقى الفلامينكو الإسباني أجواء تفاعلية مرهفة بين الأوركسترا والجمهور من خلال مقطوعة “ليبر تانغو” رائعة المؤلف الأرجنتيني استور بيازولا . وعزفت الأوركسترا للمؤلف الفرنسي بيزيه ثلاث مقطوعات هي فاراندول من المتتالية الارليزيانية رقم 2 وافتتاحية أوبرا كارمن وأغنية مصارع الثيران.
وكانت الموسيقى اللاتينية حاضرة بشغفها وحماستها المعهودة بواسطة مقطوعة “دانزون رقم 2” للمؤلف المكسيكي ارتورو ماركينز . واختتمت مقطوعة “ايها القدر” للمؤلف الألماني كارل اورف الامسية الموسيقية وهي مقطوعة زاخرة برمزيتها الفلسفية الوجدانية العميقة.
و برزت في الامسية الاوبرالية جماليات الانسجام والتناغم المتزن بين الآلات النفخية والوترية والتكنيك المتقن.
وخصصت الفرقة السيمفونية الوطنية الجزء الثاني من الأمسية للأغاني الوطنية التي ألهبت مشاعر الجمهور وعمقت الروح الوطنية بمعاني الانتماء والفرح بتحقيق الانتصارات بفعل الصمود السوري الاسطوري. حيث أدت الفرقة أغاني “سورية يا حبيبتي” و”أنا سوري وأرضي عربية” و “راياتك بالعالي يا سورية” لتختتم الأمسية بالنشيد العربي السوري.
وبذلك يكون الشعب السوري قد بعث برسالته وبكل لغات العالم من وسط العاصمة دمشق وعبر قلعتها الاثرية الصامدة بوجه الحروب والغزوات والمؤامرات، بأن سورية بلد يعشق السلام والأمان يسكنها شعب عريق أصيل معطاء متجذر في هذه الأرض الطاهرة.