التغافل عن المشكلة هو مشكلة جديدة تضيف عثرة جديدة إلى المعاناة أو الصعوبة المتأتية من قرار هنا أو قانون هناك أو حتى تعليمات تصدرها هذه الجهة أو تلك.
وهنا لا بد من التأكيد من جديد على أن أي تشريع أو قانون أو تعليمات تصدر لتنظيم عمل ما لا يمكن تلمّس جودتها إلا بالتطبيق العملي عندما تصبح نافذة، وهنا يمكن قياس جودة هذا التشريع أو التعليمات الصادرة من خلال انعكاس تطبيقها على الأداء وزيادة المرونة في تخليص معاملات المواطنين بكل يسر وسهولة بعيداً عن التعقيدات أو الأعباء المادية.
ونتحدث هنا وفيما يخص قانون البيوع العقارية الخاص بتحديد قيم رسوم الخدمات المقدمة في المصالح العقارية، الذي جاء ليعيد ترتيب الآليات المتبعة في عمليات البيوع العقارية وينظم العمل، لكن مع التطبيق العملي وجدنا أن هناك آثار غير إيجابية ظهرت بعد أن أصبح نافذاً والمتمثلة بتراجع كبير في عمليات البيع والشراء في سوقي العقارات والسيارات نتيجة للآلية الجديدة التي اعتمدت خاصة في وضع جزء من ثمن العقار في أحد المصارف ليتم استرداده في وقت لاحق.
وزارة المالية كانت قد تحدثت الأسبوع الماضي عن عدم تسجيل أي اعتراض من المواطنين على الآليات المتبعة معززة ذلك بأرقام تشير إلى أن عدد عمليات البيع خلال 22 يوم عمل كانت 1720 عمليةً، وهذا الأمر جيد، لكن لم يتم مقارنة هذا الرقم مع عدد عمليات البيع التي كانت تسجل سابقاً قبل نفاذ قانون البيوع العقارية الجديد، بما يعطي مؤشراً حقيقياً عن مدى جودة التشريع وانعكاسه على تنظيم عمليات البيوع وتقديم المرونة والسرعة لها بما يخفف الأعباء عن المواطنين.
كما أن المؤشر الرقمي الدال على حجم التداول في سوق العقارات خلال هذه الفترة والمحدد من قبل وزارة المالية بـ 210 مليارات ليرة لا ينفي أن هناك انعكاسات لهذا القانون ساهمت في تراجع عدد حالات البيع والشراء في سوق العقارات، حيث تم تسجيل عدد من الحالات التي لم تكتمل بها عملية البيع بين البائع والشاري لأسباب لها علاقة بالآلية الجديدة.
الأمر الذي يشير إلى أن هناك حالة من الجمود بهذه النسبة أو تلك قد تسببت بها الآلية الجديدة المعتمدة ولعل الأرقام الأخيرة التي صرحت عنها وزارة المالية تشير إلى ذلك، في وقت كان سوق العقارات من أنشط الأسواق ويشهد عمليات بيع وشراء كثيفة قبل اعتماد الآلية الجديدة المنصوص عنها في القانون الجديد.
إن كل ما نود الإشارة إليه هنا هو الحديث عن تقييم رجع الصدى لكل تشريع أو قانون أو تعليمات تصدر من حين لآخر، وقراءة موضوعية للنتائج المترتبة على تطبيق أي منها للتأكد من أن الهدف المراد من سن تلك التشريعات والقوانين قد تحقق.
على الملأ -محمود ديبو