وافق مجلس الوزراء -أمس- على استيراد خمسمئة باص نقل داخلي بعقد بالتراضي، وستصل هذه الباصات، على ثلاث دفعات، خلال ستة أشهر.
الخبر سار جداً يرسم ملامح المثل الشائع: شدة وتزول. فالرقم الجديد مهم جداً بالمقارنة مع ما هو متوافر من باصات نقل داخلي. في سورية الآن، علماً أن أغلبها قديم، ويحتاج إلى صيانة شاملة.
لقد طفح الكيل على صعيد النقل الداخلي، ازدحام شديد جداً في الباصات وطريقة غير حضارية في الاندفاع للظفر بموطئ قدم ومقعد، تدافع شديد ومشاجرات وشتائم وعناد في رفض الوقوف بالدور، وليست العلة في الناس، بل في عامل الندرة، والضرورة القصوى لكل مواطن إلى الانتقال، وعدم وجود بديل أفضل، فالازدحام على الميكروباصات أشد، وهي في أسوأ حالاتها الآن، ويتعامل سائقوها مع الركاب، بتعسف شديد، لجهة الأجرة – عدم وجود المئة ليرة – بعدما كانت المشكلة بالخمسين ليرة، واختصار الخط كشكل من أشكال الابتزاز الناجم عن قلة عدد الميكروباصات بسبب امتناع العديد منها عن العمل بأعذار متنوعة (تعبئة المازوت – صيانة العربة – استراحة الفطور أو الغداء- نقل الطلاب أو العمال). ولاسيما بعد قرار حرمان الميكروباصات من تعبئة المازوت بالسعر المدعوم يوم الجمعة، وما يفاقم الأزمة، عزوف أغلب الناس عن استخدام سيارات الأجرة – التاكسيات – لغلائها الفاحش، إذ لم تعد عداداتها تعمل، وراح سائقوها يطلبون أرقاماً خيالية بذريعة ارتفاع سعر ليتر البنزين والانتظار على محطات الوقود، علماً أن هذا الانتظار قد تقلص كثيراً بعد استخدام الرسائل النصية على -الموبايل-.
ومن الملاحظ أن الباصات راحت تتحرك بأبواب مفتوحة ومزدحمة، على شكل عناقيد، ما يجعل الخطر على الركاب كبيراً ولاسيما عند المرور في شوارع ضيقة تحتوي على صفين من السيارات.
إن التعاقد على ٥٠٠ باص نقل داخلي، دواء ناجع لكل هذه المعاناة الجماهيرية الشديدة التي تأتي في المرتبة الثالثة، بعد ضعف الرواتب والأجور، والازدحام على الأفران للحصول على الخبز المدعوم (ربطة المئة ليرة).
وهذه الواقعة الجديدة ذات مغزى مهم، إذ تؤرخ لعودة الدولة إلى أخذ زمام المبادرة، ودخولها على خط حل أزمة النقل، بعد امتناع القطاع الخاص عن الاستفادة من السماح له باستيراد ٢٠٠٠ ميكروباص، وتعنت أصحاب الميكروباصات القديمة وإصرارهم على استخدام آلياتهم المتهالكة بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على وضعها في الخدمة. وبات أغلبها الآن في حالة رثة شكلاً ومضموناً.
وثمة طمأنات أن الأمور تسير نحو الأفضل في كل المجالات، والخمسمئة باص نقل داخلي أول الغيث.
أروقة محلية – ميشيل خياط