الثورة أون لاين – ريم صالح:
هل بقي دولة على الكرة الأرضية لم تسلم من عقوبات نظام الإرهاب والبلطجة الأمريكي وتدخلاته اللا أخلاقية، واللا شرعية، واللا قانونية السافرة؟!، الجواب واضح، وبسيط، ولا يحتاج إلى أي تفكير، فمن سورية، مروراً بإيران، وفنزويلا، وكوبا، ونيكاراغوا، وصولاً إلى روسيا الاتحادية، وجمهورية الصين الشعبية، وكوريا الديمقراطية، وسيف الابتزاز الأمريكي بسلاح الإرهاب الاقتصادي والعقوبات القسرية أحادية الجانب هو أحد أوجه السياسة العدوانية التي تنتهجها الولايات المتحدة ضد الدول المناهضة لنهجها المهيمن والمتغطرس، و تحاول من خلالها الهيمنة على قرار الدول ذات السيادة.
وبحسب علماء الاقتصاد غاري كلايد هافباور، وجيفري شوت، وكيمبرلي آن إليوت، فإن واشنطن قد استخدمت في تسعينيات القرن الماضي بعض أشكال العقوبات أحادية الجانب ضد 35 دولة، وهو ما يزيد على فترة الثمانينيات التي بلغ فيها عدد الدول 20 دولة.
حيث فرضت واشنطن عقوباتها ضد العراق عامَي 1990-1991 وضد يوغوسلافيا عام 1990 وضد رواندا عام 1994، وكل ذلك وفق محللين خدمة لأجندات أمريكية عدوانية لا أكثر ولا أقل.
ووفقاً لأرقام جمعها مركز الأمن الأمريكي الجديد وتناقلتها بعض المواقع الالكترونية، فقد أصدرت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب حوالي 3800 قرار بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، بالمقارنة مع 2350 في فترة الولاية الثانية للرئيس الأسبق باراك أوباما، وفي الوقت نفسه ألغت عقوبات أقل بكثير، مع العلم أن إلغاء العقوبات هو الوسيلة التي تكافئ بها واشنطن الأنظمة التي تغير مسلكها، أي التي تستسلم في نهاية المطاف للإرادة الامريكية وتقبل الارتهان ولغة الإملاءات.
ومن هنا جاءت فكرة وضع بعض الدول على القائمة السوداء، حيث أن الأمريكي سرعان ما كان يلصق تهمة الإرهاب، أو دعم كيانات إرهابية لأي دولة ترفض الرضوخ لإيعازاته الاستعمارية والنهبوية، متناسياً أي الأمريكي، وبإقرار كبار مسؤوليه، ونخص منهم وزيرة الخارجية الأمريكية، والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية سابقاً هيلاري كلينتون أن نظام بلادها هو من ابتدع تنظيم داعش الإرهابي، بل كان متعامياً -أي هذا النظام الأمريكي- عن الإرهاب الصهيوني، والإجرام المنظم الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين العزل.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر وتحديداً في كانون الثاني 2021 حاولت واشنطن التلطي بالشعارات الإنسانية البراقة، التي لا مكان لها حتى في الأروقة الأمريكية، حيث الجرائم العنصرية التي تمارسها عناصر الشرطة الأمريكية ضد الملونين خير مثال وشاهد على كلامنا هذا، ومع ذلك لم تجد واشنطن غضاضة في أن تستغل شعارات حقوق الإنسان من أجل أن تفرض على روسيا أيضاً عقوبات جائرة لا قانونية ولا شرعية لها. رغم أن سياسات واشنطن هي وحدها من يتناقض بشكل صارخ مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان.
ولعل المثال الحي والصارخ، وربما الأقرب لنا نحن كسوريين، هو ما شهدته سورية، ولاتزال من إرهاب أمريكي منظم، وممنهج، والذي كانت شرعنة ما يسمى “قيصر” هو أحد مفرزاته، حيث أن نظام الإرهاب الأمريكي جند الإرهابيين من جميع أرجاء المعمورة، وأرسلهم إلى سورية، ودربهم، وسلحهم، ودفع لهم الرواتب والمكافآت، واخترع شخصيات وهمية ألبسها لبوس المعارضة، وشن اعتداءات سافرة على مواقع للجيش العربي السوري، كما استهدف المدنيين العزل متذرعاً بروايات تلفيقية كيماوية، متناسياً أنه وحده من استخدم الفوسفور الأبيض في الرقة ودير الزور، كما أنه لا يزال يحاول الرهان على سيناريوهات ثبت للقاصي والداني عدم جدواها، ونفاذ صلاحيتها على الأرض، ولا يزال حتى اللحظة يحشر أنفه في أمور السوريين، وخياراتهم الوطنية، وقراراتهم السيادية، فوفق منظوره الفوضوي الهدام إما الرضوخ والإذعان، وإما قيصر 1 وربما قيصر 2 أو قيصر 3 بالانتظار.
حتى الصين لم تسلم من الشرور الأمريكية، ففي كانون الأول من عام 2019 حاولت إدارة الفاشية الأمريكية إقحام نفسها في شؤون الصين الداخلية، وأصدرت وقتها ثلة من القرارات الباطلة حول شينجيانغ، ولفقت عدة روايات هوليودية حول هونغ كونغ، وشنت حرباً إعلامية تضليلية شرسة، وفرضت عقوبات على الصين، ولكنها لم تفلح، وفشلت هنا كما فشلت في كل محاولاتها السابقة واللاحقة لاستهداف الدول السيادية.
إرادة الحق أقوى من كل شرور الأمريكي، ورهاناته الخاسرة، ومهما حاول الكاوبوي بالعقوبات الباطلة، أو بالتدخل العسكري العدواني، أو بالعملاء والمرتزقة، أو بتنفيذ انقلابات تآمرية، تحقيق أجنداته الظلامية فإنه لن يفلح، ولن يحقق مآربه الدونية، طالما أن الشعوب السيادية وحدها صاحبة القرار، وهي بالتالي تأمر، وعلى الأمريكي أن ينصت ويذعن.