“لا وقت للعيد”.. سعاد سليمان تزرع الأمل وتستجدي المطر

الثورة أون لاين – عبدالمعين زيتون:
من شغيف الوجد ونبض القلب تكتب سعاد سليمان أدبها وتشكِّل مفردات فكرتها مثل خبيرة في فنّ الجمال وهي تدرك أن العفوية والبساطة من أرقى الجماليات وأطيبها مذاقا في لعاب الروح.
تلج إليك العبارة القصصية بثوب شعري بهيج حيناً وحزينا أحايين كثيرة وهي تستولد الابتسامة من ألف دمعة مثل أم رؤوم قبل أن تلف مولودها (قصتها) بألوان العلم الوطني رغم أن المولود ربما كان طفلا يحاول أن يرسم على ورقة بيضاء خارطة الوطن وربما كان شهيدا تشيّعه المفردة القصصية الرشيقة بأهزوجة تسكبها في الورق مثلما تسكب الأم الثكلى دمعة الوداع عند مثوى الفقيد..
الفقيد الذي رحل عن عالمنا إلى فضاءات أبهى..
أو الفقيد الذي مازال ينتظر بزوغ فجر الحرية بينما الأهل والأحبة والأولاد مازالوا في انتظار فجر امتد كما لو أنه لن يأتي!
(مئة وإحدى وعشرون قصة قصيرة) في مجموعتها “لا وقت للعيد” تساءلت بعد أن قرأتها مرات ومرات :
ترى من هو الذي يعرف طعم الفرح أكثر؟
ومن ذا الذي يدرك معنى القهر والحرمان والحزن والأسى أكثر؟
وببساطة سنعيد السؤال بطريقة أخرى :
من الذي يعرف بصدق أكثر، هل هو الذي يعيش داخل الغابة ويغرق في تفاصيلها؟
أم من يأتي من خارجها فيراها كلها؟
ثم يجوس خلالها بعين مفتوحة، ترى المشهد كلّه كما هو على حقيقته.
لقد كانت سعاد سليمان ابنة هذه الغابة بلا شك، لكنّها كانت بالقدر نفسه الشاهد الذي أحاط بكل أسوارها قبل أن يدخل في تفاصيلها ليرى الحياة من داخلها ثم يتجول متأملا حينا، وباكيا حينا آخر، ويستمطر من دموعه الأمل والفرح والرجولة أيضا!
وما المانع من أن تستولد امرأة شديدة المحال الرجولة بصفتها سلة القيم العليا، لتضعنا والحال على ما كانت عليه وهي تكتب أمام مشاهد بديعة لمفارقة صارخة تكمن في روح النصوص المتدفقة دون انقطاع حيث تلتهب الرجولة والهمة في روح امرأة تشكّل بين يديها صورة الوطن و نشيده وعلمه في جنين القصة..
هكذا كانت سعاد سليمان في قصصها:
عيد، بوح، هلوسات، إبرة، معجزة، مدنية، لا وقت للعيد، حلم، كوابيس، وموطني، وابتسم انت في سورية، في الطريق إلى العمل، صنّاع الحياة، القتل باعتدال، اتفاق سلام، عيد للحياة وشقائق النعمان..
وفي قصتها “العيد” تقول:
(لم تحمل الأم باقة ريحان، ولا ورد.. كما جرت العادة. كانت قد أقنعت نفسها أن المقبرة تتوسط بقعة من الطبيعة الغناء حيث الأشجار والرياحين).
هنا نلاحظ في بساطة الصورة الكثيفة جماليات مستولدة من الحزن.. وأفراح من روعة في مفردات تشكّل منها المشهد البائس!
ونحن لا نذهب مع القاصة إلى مقبرة بقدر ما تهيأنا للسفر والتنزه والفرح، فالطبيعة ام أوسع من مشاعرنا الجامدة، والوطن علم لابد أن يرفرف في فضاءات الروح قبل أن يهزه الهواء بفرح مغمور بحلم مقبل على أرض غنّاء لايمكن إلا أن تبقى ملأى بالفرح تعج بالحياة وبالناس..
عرفت القاصة عن قرب وخلت كأنني أكتب معها الكثير من القصص، لكنني لن أجرح شهادتي في أدب جميل قرأته لسعاد سليمان مرة تلو مرة، دون أن أشعر أنها “تلميذة في الخمسين” أو أنها تكتفي بالكتابة “تحت ضوء القمر”
أو إن السؤال مازال يتردد في أفق الشطآن على البحر المتوسط!..
بقي لي أن أشير هنا إلى أن “لا وقت للعيد” مجموعة قصصية صدرت أواخر العام الماضي عن دار أرواد للطباعة والنشر في مئتين و أربع وخمسين صفحة من القطع المتوسط، تنقلت فيها الكاتبة عبر قصصها ال (121)بين الخاص والعام كسحب تراكمت في السماء وتلاحقت أمواجها أو تصارعت فيها الذات مع الذاكرة لتنجب بريق العبارة وألق المفردة، وبدا الصدام بين الذات والذات، والذات والوطن عالما مؤنسا ينتقل فيه القارئ بشغف ومتعة.. فكثير من الصدامات والصدمات تولد دفء الكتاب الذي يحتضنه.
وكثيرا ما يحتاج القارئ إلى هذه الألفة بينه وبين الصفحات التي يقلبها بين يديه!..

آخر الأخبار
مشاريع صناعية تركية قيد البحث في مدينة حسياء الصناعية تطوير القطاع السياحي عبر إحياء الخط الحديدي الحجازي محافظ درعا يلتقي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية تجهيز بئر "الصفا" في المسيفرة بدرعا وتشغيله بالطاقة الشمسية توسيع العملية العسكرية في غزة.. إرباكات داخلية أم تصدير أزمات؟. "الذكاء الاصطناعي" .. وجه آخر  من حروب الهيمنة بين الصين و أميركا الجمعية السورية لرعاية السكريين.. خدمات ورعاية.. وأطفال مرضى ينتظرون الكفلاء مدارس الكسوة والمنصورة والمقيليبة بلا مقاعد ومياه وجوه الثورة السورية بين الألم والعطاء يطالبون بتثبيت المفصولين.. معلمو ريف حلب الشمالي يحتجّون على تأخر الرواتب تقصير واضح من البلديات.. أهالٍ من دمشق وريفها: لا صدى لمطالبنا بترحيل منتظم للقمامة ماذا لو أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران؟ "زاجل" متوقف إلى زمن آجل..مشكلة النقل يوم الجمعة تُقّيد حركة المواطنين في إدلب وريفها الدولة على شاشة المواطن..هل يمكن أن يرقمن "نيسان 2026" ثقة غائبة؟ تعزيز الشراكة السورية- السعودية في إدارة الكوارث بين الآمال والتحديات.."التربية" بين تثبيت المعلمين وتطوير المناهج "العودة إلى المدرسة".. مبادرة لتخفيف الأعباء ودعم ذوي الطلاب "بصمة فن" في جبلة.. صناعة وبيع الحرف اليدوية إسرائيل تبدأ هجوماً مكثفاً على غزة المشاريع السعودية في سوريا.. من الإغاثة الإنسانية إلى ترسيخ الحضور الإقليمي