وفيق سليطين.. أيها الكوكبيُّ.. وداعاً

الثورة اون لاين- لمى يوسف:

تأبى مفردات قصائده إلا أن تكون نضرة متألقة حاضرة في كل زمان ومكان.. تنسج علاقاتها كمنحوتة توّلد طاقات متجددة بعفوية تتلاقى والفطرة العميقة الخصبة.. تماهى بالنقد واعتمد صيغاً واضحة غنية بالدلالات التي تفضي إلى ملامح دراساته.

أمام حضرة الأدب والنقد والشعر كنت أتورط برحلة حوار مع أستاذي الدكتور وفيق سليطين،
هنا كانت قصيدة.. محاضرة.. ودراسة نقدية… كما كانت هناك قصائد حب وفسحة للشعر ولوحة تأمل لنص أدبي..
تهرب كل المفردات.. تغص الحسرة في الحلق… ويقف الجميع عاجزاً.. قاصراً.. لا أحد يصدق..
كيف ذلك وهو كان يكتب مشاركته لندوة في دمشق… أراد أن يركز بها جيداً ما يلزم (علبة تبغ حمراء). وهو عائد إلى منزله في الطابق الخامس اجتاحت الروح فضاء الحياة.. هواء.. ! تنفس.. ! لا أوكسجين كاف لتلك الروح.. !
رحل الدكتور وفيق سليطين، وترك أثره العطر… أمام الغياب والفقد شيع إلى مثواه الأخير وخزلني برحيله دون أن يلقي تحية الوداع.. لم أنجز تلك المهمة التي وعدته بها.. ولم أتورط بحوار ختامي…

في حديث مع المترجم د. ثائر ديب عن صديقه الراحل د. وفيق سليطين قال: لعل تجربتي مع وفيق تتسم بخصوصية شديدة، على الرغم من أنها تشترك مع علاقاته بالآخرين بكثير من المشتركات. كان وفيق مع الجميع بالغ النظافة، بالغ المودة، بالغ العطاء، بالغ الحضور البهي، لكن علاقتي به اتسمت بالإضافة إلى ذلك كله بتفاعل مثمر وخصيب إلى أبعد الحدود. وبالإضافة إلى المودة والمحبة اللتين بلغتا الأقاصي، كان كل لقاء ممتلئاً بالأفكار وتصارعها وتبادلها، على النحو الذي يعلّم، بالنسبة لي على الأقل، ويرتقي بالأفكار والمشاعر أشد الارتقاء.
عمل د. وفيق سليطين على تجديد اللغة وتفجيرها لخلق لغة شعرية تخييلية، لها بصمتها الخاصة، يبنيها المخزون اللغويّ والثقافي نفسه، لكن عبر كتابة بأساليب مختلفة، حول اللغة الشعرية الصعبة التي يراها البعض عند د. وفيق سليطين أوضح د. ديب قائلاً: هي لغة تحاول أن تغطي موضوعها كما يجب أن يغطى. وتحاول أن تعبر عن محمولها كما يجب أن يعبر شعرياً، وبالتالي هي لغة مركبة بحسب تركيب الموضوع والمجازات اللازمة لهذا الموضوع. هذا يقتضي القول أن هناك تركيز شديد عند د. وفيق، عندما يكتب الشعر، على ما يسميه النقاد العرب القدماء الصنعة الشعرية، أي شكل التعبير بكل ما فيه من أدوات (المجاز، الاستعارة، التشبيه، الكناية والبديع… الخ).
ومن الطبيعي ألا تكون اللغة الشعرية كما تكون اللغة العادية. ومن ينتظرون أن تكون كذلك هم اللذين يجدون صعوبة في شعر د. وفيق. بمعنى القارئ الذي يتكاسل ويريد من الشعر أن يقدم له المحتويات جاهزة كما تقدمها اللغة العادية. لكنه بذلك يجرد لغة الشعر من كل خصوصيتها وأدواتها في السبر والكشف.
في النقد د. وفيق يفكك النصوص؛ يحلّلها تحليلاً نقدياً منظماً، ويضعه في سياقه الثقافي، يفضي إلى أن الناقد بصير بفنون الأدب، وتطوره، يمتلك ناصية اللغة وبلاغتها.
يعتقد د. ثائر أن العملين النقديين الأولين للدكتور وفيق سليطين “الشعر الصوفي بين مفهومي الانفصال والتوحد” وهو رسالته للماجستير ونال جائزة في وزارة الثقافة السورية؛ والثاني “الزمن الأبديّ: الشعر الصوفي/ الزمان، الفضاء الرؤيا”، وهو رسالته للدكتوراه ونال عليه جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المخصصة لأحسن كتاب نقدي خلال خمس سنوات، قد بشّرا بناقد ومفكر شديد العمق والخصوبة والأهمية، يصعب الفصل لديه ما بين النقد التقني والاختصاصي وما يتولد عن ذلك من فكر وكشوف تربط النص لا بدلالاته الاجتماعية اللحظية فحسب بل أيضاً بدلالاته وأقاصيه ومقولاته الكبرى.
لم يخلُ أي عمل نقدي لاحق للدكتور سليطين من تشغيل بارع لمفهومات ومصطلحات نقدية تتمتع بالقدرة على السبر والكشف العميقين، كائناً ما كان مستوى الموضوع أو النص أو الكاتب الذي يتناوله بمفهوماته ومصطلحاته هذه. بل إنه كان يكفي لوفيق أن يتناول عمل كاتب أو ناقد متواضع حتى يعلو شأن هذا الكاتب أو الناقد.

لن ننسى ما قاله د. نصر حامد أبو زيد عن تلميذه وفيق سليطين في تقديمه لكتابه النقدي الأول: “إن طموح وفيق سليطين المنهجي المتزايد، وقدراته التي تتنامى وتتطور كفيلة بأن ترشحه واحداً من شباب النقاد المؤهلين للتصدّي لعبء تحديد الفروق، وإزالة العوائق المنهجية والاجرائية في طريق البحث في الأدب ونقد الشعر. ومن أهم العوامل التي تضعه في النخبة الواعدة أنه يتصدى بالمنهجيّات الحديثة والمعاصرة لتحليل نصوص قديمة”.

في حوار سابق سألت أستاذي د. وفيق سليطين:

كيف تخرج قصيدة الشاعر سليطين هل هي حالة تفاعلية مع كوامن نفسه أم أنها مرور عابر؟
أجاب: “عادة لا أفكر كيف تخرج لكنني أظن أنها حصيلة تراكمية لمواقف وانفعالات وشحنات متتابعة، وقد يكون هناك أحياناً محرض له طابع المباشرة بقدح زناد هذه الأشياء معاً وقد يكون نتيجة استبطان وتأمل وقراءات مختلفة وتجارب تذوب في طيات النفس وتشع من هناك.”
كيف خرجت قصيدة الموت منك دون ضجيج.. أيها الكوكبيّ..

من عناقيد الزبد في قصيدته (رماد):
هذا الرماد الذي أتمجّدُ
أعشقُ منهُ حرائقَه
والتياعي بها.. !
يا رمادي الذي أتضوَّأُ فيهِ
أيها الكوكبيُّ الذي كنتَ مثلي..
وداعاً…!.

وداعاً وداعاً أيها الكوكبي.

 

 

آخر الأخبار
رغم الرماد والنار.. ثمّة من يحمل الأمل ويزرع الحياة من جديد خبير لـ " الثورة" : ما خسرناه من غطاء حراجي يحتاج لسنوات ومبالغ كبيرة استمرار جهود الإخماد في اللاذقية لليوم السابع.. وتقليص البؤر المشتعلة بدعم عربي ودولي شبكة حقوقية تُدين تقاعس المجتمع الدولي وتُطالب بإعلان حالة الطوارئ في سوريا مقاربات واشنطن تجاه "قسد".. تثبيت لوضعها الحالي أم دفعها نحو دمشق؟ الشرع يلتقي المبعوث الأميركي.. دمشق و واشنطن.. تعزيز الحوار وتطوير علاقات التعاون عبد الكافي الكيال لـ"الثورة": جهودنا مستمرة.. ونعمل ليلاً ونهاراً للسيطرة على الحرائق قوى الأمن الداخلي تشتبك مع خلية مشتبه بها على طريق إدلب - بنّش.. وتضبط أسلحة وذخائر دراسة ضريبة الدخل على الراتب .. خبير اقتصادي: تستهدف فئة ذات دخل محدود تحسين الواقع الخدمي في الكفرين والبلدات التابعة الثروة الحراجية .. رئة البيئة تحترق في ريف اللاذقية تسجيل 414 شركة في 5 أشهر.. تسهيلات مستمرة وتنامي الطلب على الرقمنة والتحول الرقمي رابطة الجالية السورية في فرنسا تستكمل هيكلها التنظيمي أوجلان يعلن نهاية الكفاح المسلح.. مرحلة جديدة في العلاقة بين الكرد والدولة التركية طلاب التاسع ينهون ماراثون امتحاناتهم مع لغة "الضاد".. موزونة ومرنة وواضحة عدالة الكهرباء غائبة في قدسيا والهامة بريف دمشق.. مواطنون: مقارنة ساعات التغذية مع العاصمة يعكس انع... بحث سبل التعاون بين وزارة الطوارئ ومركز الملك سلمان للإغاثة سوريا أخطر مكان بسبب القنابل غير المنفجرة والألغام الأرضية بريطانيا: تعاون سوريا مع " الكيميائية " كان نموذجياً مدير الدفاع المدني في اللاذقية لـ"لثورة": الحرائق كارثية وكلّ مواطن خفير