الإصلاح يرسم ملامح المرحلة القادمة في سورية المتجددة

فراس سبّور :

أربع سنوات مضت على إطلاق الرئيس بشار الأسد مشروع إصلاح عميق استهدف بنية الدولة السورية بكل مكوناتها .. يبدو الزمن أكثر من أربع سنوات إذا نظرنا إلى كم العمل المنجز، وحجم الجهد المبذول من قبل القائمين على تنفيذ المشروع ..

1-25.jpg
المشروع المسمى ” المشروع الوطني للإصلاح الإداري ” والمتكئ أساساً على انجازات الجيش العربي السوري وانتصار إرادة السوريين على الإرهاب بعد صمود استثنائي واجهت من خلاله سورية شتى أنواع الحروب، ينعش من جديد تطلعات السوريين نحو سورية القوية والمتجددة بما تضمنه من محاور وآليات عمل تضمنت تطوير المؤسسات الحكومية وإعادة هيكلتها بشكل يسهم في تحسين خدماتها وإنتاجها وإرساء القواعد اللازمة للإصلاح الإداري في سورية وفق تقييم واضح ودقيق للواقع واعتماداً على برامج عمل تنفيذية واضحة وقابلة للتطبيق، وكل ذلك وفق رؤية وطنية تعزز مرتكزات البناء المؤسساتي الشامل ترسيخاً وتعميقاً لدور المؤسسات في خدمة المواطن وبناء الدولة…


المشروع أيضاَ اعتمد على القياس والرصد وخارطة ملء الشواغر وحصر الكفاءات، وأرسى منهجية واحدة متجانسة، عبر مرصد وطني لقياس الأداء، ووفق بنية إلكترونية ومركز خدمة الكوادر البشرية، كما أنشأ موقع إلكتروني سمّي بـ صلة وصل للتواصل مع المواطنين، وذلك لإنهاء حالة الترهل ومكافحة الفساد الإداري.
اليوم وبعد سنوات من العمل على تحليل البنية التنظيمية للجهاز الحكومي في سورية، بما في ذلك تحليل القوى العاملة ومراكز العمل وتحليل العمليات التشغيلية لتنفيذ مهام كل وزارة، تم إنجاز التقرير الإداري لتقييم الحالة الراهنة لكل وزارة على حدى متضمناً الهيكل التنظيمي الجديد، ووضع الهيكل الإداري الراهن للجهاز الحكومي، وإصدار خارطة الموارد البشرية الكلية على مستوى الإدارات المركزية للوزارات، كذلك تم وضع خارطة الشواغر الوظيفية الكلية، وتشكيل فرق متمكنة للإصلاح الإداري تعمل بأدوات وذهنية واحدة..
1-26.jpg
الرئيس الأسد وأولوية الإصلاح..
يولي الرئيس الأسد اهتماما كبيراً وبأدق التفاصيل لمراحل تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، حيث عبر في أكثر من مناسبة، وأكثر من لقاء على زيادة فعالية الدولة ومكافحة الفساد عبر إصلاح بنية المؤسسات في سورية ضمن مشروع وطني يكون المدخل لأي إصلاح.
وخلال لقاء جرى في أيار الماضي جمع الرئيس الأسد مع فرق الإصلاح الإداري في سورية، أكد الرئيس الأسد أن الحرب كانت كاشفة ومحفزة لضرورات الإصلاح الإداري وليست منشئة له، حيث ظهرت جوانب جلية تم التفكير فيها معمقاً خلال الحرب، وقد أفضت إلى إطلاق المشروع، مشيراً إلى أن المشروع بدأ على الورق ومن خلال منهجية واضحة أولاً، ومر بمرحلة انتقالية وخلال التنفيذ ظهرت معوقات وكان التعامل معها أسهل بوجود المنهجية.
وشدد الرئيس الأسد خلال اللقاء على أولوية الإصلاح الإداري على الإصلاح الاقتصادي كونه أساس بناء الدولة، مشيراً إلى أن تصحيح آليات العمل بين المؤسسات هي أساس نجاح تطبيق الهيكليات الإدارية، وأن الأتمتة والإصلاح الإداري هي الطريق الأنسب لزيادة الإيرادات المالية للدولة..
وعن الممانعة ومقاومة التغيير التي تواجه عملية الإصلاح لفت الرئيس الأسد إلى أن الممانعة التي ظهرت في حالة المشروع الوطني للإصلاح الإداري كانت متعددة الأسباب منها الخوف على المستقبل الوظيفي أو الخوف على المصالح الخاصة والطموحات وليست محصورة فقط بالفساد..
وأضاف الرئيس الأسد أن فرق الإصلاح الإداري في الجهاز الحكومي هو المعنية الأول بالترويج لاستراتيجية ورؤية المشروع، وأن هذه الفرق يجب أن تكون نخبوية وليس بالضرورة أكاديمية كون المشروع يشمل كل مفاصل الدولة، ودور هذه الفرق هو نقل القناعات من خلال الحوار وتقديم الأفكار المحكمة والمقنعة..
وعن دور الإعلام في المشروع، أكد الرئيس الأسد على ضرورة أن يوضح للمواطن أن المشروع طويل الأمد ونتائجه بعيدة، وأن الموظف يتأثر به بشكل أسرع من تأثر المواطن غير الموظف..
إدارة فعالة.. نحو مؤسسات ديناميكية
لا يختلف اثنان على أن بيئة العمل الإداري في سورية في واقعها الراهن اليوم لا تحقق الظروف المثلى المطلوبة للكفاءة الإدارية والإبداع والتميز الإداري، في الوقت ذاته ليس خافياً على أحد ما يكتنف المؤسسات العامة من خلل إداري أثر بشكل مباشر وغير مباشر في سيرورة العمل الحكومي، بشقيه الخدمي والاقتصادي الإنتاجي، فالواقع يشير الى وجود نسبة ليست ضئيلة من وقت المديرية يخصص لإنجاز الأعمال الروتينية والإجرائية، ويخصص الباقي من الوقت لأعمال التخطيط والتطوير والتحديث في حين أن المطلوب هو العكس وحيث أن التأقلم مع مستجدات العصر وطبيعة المرحلة القادمة تجعل من الإصلاح عملية ضرورية يتم من خلالها تجديد وتطوير نظم العمل وإرساء الدعائم لإدارة حديثة قائمة على الكفاءة والثقة، تشرف أعمال مؤتمر الإصلاح الإداري الذي ينعقد لأول مرة ليجمع مختلف الوزارات تحت شعار ” إدارة فعالة .. نحو مؤسسات ديناميكية “، على الانتهاء بعد سلسلة طويلة من الجلسات والحوارات المغلقة بعد أن عرض نتائج مشروع الإصلاح الإداري ووضعها على طاولة مختلف الوزارات تمهيداً لإصدار التوصيات النهائية.
ويعرض المؤتمر الذي تعقده وزارة التنمية الإدارية في جدول أعماله المستمر حتى نهاية الشهر الجاري الإشكاليات الأساسية والمشتركة بين كافة الوزارات على مستوى البنية التنظيمية والموارد البشرية العاملة فيها واقتراح الحلول للمعالجة كما يعرض نتائج الإصلاح الإداري للحوار مع الوزارات لإصدار التوصيات النهائية وإقرار الهياكل التنظيمية لها واعتماد خارطة الموارد البشرية والشواغر الوظيفية.

1-29.jpg
ويتركز المؤتمر على المناقشة والحوار للاتفاق على رؤية جماعية بين كافة الوزارات لمعالجة الإشكاليات المشتركة وعرض نماذج عن هذه الإشكاليات لتجاوز مسألة التفكير من داخل الصندوق وبناء ثقافة مشتركة بين كافة الفرق.

1-30.jpg
كما يقدم المؤتمر الدعم الكامل لإصدار نتائج الإصلاح الإداري المتعلقة بتقليص البنية التنظيمية الإدارات المركزية وعدد مراكز عمل معاوني الوزير ووضع الهياكل التنظيمية الجديدة بناء عليها مرفقة بكل من خارطتي الموارد البشرية والشواغر الوظيفية لكل وزارة..
بكل اطمئنان يمكن القول: إن عملية الإصلاح لا تتم بعصاً سحرية كما يأمل المؤيدون لها، ولا تتوقف بعصاً سحرية كما يريد الرافضون لها أيضاً، بل هي عملية لها منهجية وقواعد، تجري وفقها وتنتقل من خلالها من مرحلة إلى أخرى، صحيح أنه لا يوجد مشروع إصلاح في العالم إلا ويقابله ممانعة ومقاومة تغيير، لكن الصحيح أيضاً أن مسيرة الإصلاح انطلقت ولاعودة إلى الوراء، وأن الإصلاح النابع من الداخل وبخبرات وطنية يبقى طويلاً وتدريجياً لأنه نابع من الإرادة الذاتية للوطن، ومكملاً للتطور الوطني.

 إعلامي وأكاديمي

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها