مع زحمة العناوين المتصلة بالحرب الإرهابية وتداعياتها، وما يرافقها من تحركات دبلوماسية، واجتماعات ولقاءات دولية لإنتاج حلّ سياسي يضع حداً لمعاناة السوريين جراء هذه الحرب، لا تزال الدول الغربية المنخرطة بدعم الإرهاب وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تربط أيّ حل سياسي بتغيير سورية لنهجها الوطني المقاوم، وتغيير مواقفها المبدئية تجاه قضايا المنطقة بشكل عام، وهذا الأمر ثبت فشله طيلة سنوات الحرب الماضية، وبات يتعين على الدول المتآمرة أن تعيد حساباتها، وتغير مقاربتها الخاطئة، حتى لا تستمر تلك الدول في الغرق بأوهامها، فيما السوريون يصنعون الواقع ويفرضون مساره.
أهم تطور سياسي حدث في سورية خلال الفترة الماضية، هو الانتخابات الرئاسية والنجاح الباهر الذي حققه السوريون في إنجاز هذا الاستحقاق الوطني المهم، وهو لا شكّ سيكون نقطة ارتكاز لأي لقاءات دولية، أو محادثات قادمة تبحث الحل السياسي، فالجولة السادسة عشر من محادثات “آستنة” التي تنطلق غداً لا بدّ أن تأخذ بعين الاعتبار الواقع الذي فرضه السوريون لجهة تأكيدهم مجدداً على الوقوف خلف قيادتهم السياسية، وإلى جانب جيشهم البطل في مواصلة محاربته للإرهاب حتى تطهير إدلب من الإرهاب وإعادتها إلى حضن الوطن، واستعادة كلّ جزء ما زال تحت سيطرة الإرهاب وداعميه.
كذلك يترتب على مدعي الإنسانية في الغرب اللاهثين وراء فتح معابر حدودية جديدة لتمرير السلاح والعتاد للإرهابيين تحت مسمى “مساعدات إنسانية” قراءة رسالة السوريين خلال الانتخابات، والانصات جيداً لموقفهم الموحد برفض أيّ تدخل خارجي، ورفض أي شكل من أشكال الوصاية عليهم، وتمسكهم بسيادة بلدهم وقراره الحر المستقل، وعلى الأعضاء الغربيين بمجلس الأمن ألا يتجاهلوا هذه الرسالة خلال التصويت خلال الأيام القادمة على مشروع القرار الغربي الجديد الخاص بالمعابر الحدودية اللا شرعية.
الإقبال الشعبي منقطع النظير الذي أظهره السوريون خلال الانتخابات في الداخل والخارج، هو تفويض شعبي واضح لقيادتهم السياسية، يعزز مواقفها المبدئية بأي مسار سياسي تفاوضي، ويعطيها قوة دفع إضافية أيضاً على المسار الميداني في سياق تصميمها على اجتثاث الإرهاب من جذوره لإعادة الأمن والاستقرار لربوع الوطن، وعليه فإن نجاح محادثات “آستنة” يقتضي بالضرورة تنفيذ النظام التركي التزاماته وتعهداته السابقة، فلا معنى لأي حل سياسي طالما بقيت إدلب رهينة بيد إرهابيي أردوغان، ولا بدّ أيضاً من دحر قوات الاحتلالين التركي والأميركي، فإعادة بسط الدولة السورية على كامل أراضيها شرط أساسي لديمومة أيّ حل سياسي، وفي المقابل أيضاً، فإن مجلس الأمن الدولي ملزم بإجبار الدول الراعية للإرهاب على وقف دعمها للتنظيمات الإرهابية، وبأن ترفع عقوباتها الجائرة لتحسين الوضع الإنساني للسوريين، بدل حشد إمكانياتها لفتح ممرات جديدة لتكون شريان إمداد لإرهابييها، فالسوريون لم ولن تنطلي عليهم أكاذيب الغرب، وإنما تزيدهم قوة وإصرار على تكريس واقع صمودهم وانتصارهم.
من نبض الحدث – بقلم أمين التحرير – ناصر منذر