افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
تُصر الولايات المتحدة – والغرب المُلتحق بها – ليس فقط على طرح التّمديد لما يُسمى “آلية إيصال المُساعدات عبر الحدود” في سورية، بل تُصر على تَطوير هذه الآلية وتَوسيعها باعتماد مَعابر مُتعددة، لكنّها لا تُقدم أيّ دليل أو تَوضيح يُبيّن الحاجة لذلك، لماذا؟.
هل تَمتنع واشنطن ومُلحقاتها عن تَقديم الدليل المُوجب لما تَسعى له في هذا الاتجاه لأنها لا تَمتلكه؟ أم لأنها لا تَستطيع تَقديمه رغم امتلاكها له، لأنه أولاً سيَفضح غاياتها، وثانياً لأنها تُدرك أنه لن يَمر، وثالثاً لأنه سيكون أحد الأدلة القاطعة التي تُدينها إدانة تامة مُكتملة لو أفصحت عنه وقدّمته؟.
بمُقابل إصرار واشنطن على التمديد ومُمارستها الضغط لتوسيع الآلية المَزعومة، هناك إرادة سورية – روسية – دولية مُدعمة بالأدلة والقوانين، بالمَنطق والوقائع، تَرفض التمديد ولا تَقبل بالمُطلق طرحَ التوسيع، تُؤكد الحاجة لطَي الآلية إياها لأسباب كثيرة ليس آخرها عدم جَدواها، بل لأنّ من بين أهم الأسباب التي تُوجب طَيّها ما هو مَنصوص عليه بقرارات سابقة لمجلس الأمن الدولي تُؤكد وجوب تَجفيف منابع الإرهاب وسبل دعمه، وقد ثَبَتَ بالدليل القاطع أيضاً أنّ هدفَ وغاية تلك الآلية وما تُصر عليه واشنطن إنما هو تَقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية التي تعمل بالرعاية الأميركية الأطلسية.
بين الإصرار الأميركي – الأطلسي والضغط باتجاه ما يُحقق الغايات الشيطانية بضمان مُواصلة الرعاية للتنظيمات الإرهابية وتَقديم الدعم لها، وبين إرادة تجفيف منابع الإرهاب وسبل دعم تنظيماته التي تُشغلها واشنطن، تَدور رَحى معركة أخرى ستَخسرها أميركا والناتو ومُلحقاتهما مهما حاولت واشنطن الكذب سواء باستنزاف أساليب الفبركة والبلطجة أم بتوظيف العناوين الإنسانية الزائفة لكَسبها، بل ستَكتشف لاحقاً حجم الوهم المُسيطر الذي تَعيشه وتَستغرق فيه مع شُركائها وحلفائها في محور الشر والعدوان.
تَفشل واشنطن في مجلس الأمن الدولي، فتَنقل مسرح المعركة إلى جنيف، تُخفق هناك أيضاً فتَسعى عبر شريكها التركي – الضامن لتنظيماتها التكفيرية الإرهابية – لإغراق سوتشي وأستانا بذات التفاصيل الشيطانية تحت عناوين إنسانية اجتماعية اقتصادية كاذبة لتُؤكد المُؤكد من أنّها غير جاهزة لإجراء مُراجعة كلية لمسارات العبث والعدوان وتهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم، ولتُؤكد أيضاً أنها مُستمرة بانتقائيتها المَقيتة المَرفوضة، وباتباعها مَعايير مُزدوجة ومُتعددة تُناقض الميثاق الدولي وقرارات مجلس الأمن.
في مَتن عدد من القرارات الدولية المُلزمة هناك نصوص واضحة لا تَحمل إشارات فقط إنما تتضمن نصوصاً صريحة تتحدث عن إلزام الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بمنع وقمع الأعمال الإرهابية، وبالسَّعي الجدي المسؤول للقضاء على الملاذات الآمنة التي أقامتها التنظيمات والجماعات الإرهابية، وبمنع تمويلها وتَجريم ومُلاحقة كل من يُمول أو يُسلح أو يَسمح لها بالتدفق والانتقال عبر حدودها، فهل ما تُصر عليه الولايات المتحدة إلا مُحاولة لنَسف هذه المَضامين؟ وهل هي إلا مُحاولة منها لإعادة الحياة لداعش والقاعدة وجبهة النصرة ومُشتقاتها؟.
بين الإصرار الأميركي – الأطلسي الشرير، وبين إرادة مُكافحة الإرهاب وتَجفيف مَنابعه، تَجري معارك أُخرى، “الخوذ البيضاء”، “ملف كذبة الكيماوي”، “ما يُسمى بالمُساعدات الإنسانية”، “مَزاعم إعادة الإرهابيين وعوائلهم لبلدانهم”، إضافة لمعارك مُعلنة تَجري تحت عناوين أخرى إذا كان هدفها لا يَخفى، فإنه لن يَتحقق بحال من الأحوال، بل سيَرتد على واشنطن وحُلفائها وأدواتها.
إنّ المُحاولات الأميركية – الأطلسية بإعادة إنتاج وتدوير الإرهابيين هي مُحاولات مَحكومة بالانتهاء إلى فضائح جديدة، وإنّ مُحاولة قول أشياء أخرى تُخالف الواقع لن يُتيح لأميركا وشركائها الإفلات من العقاب والمُحاسبة، وإنّ كل ما تَقوم به واشنطن من هذا وذاك لن يَمنع سورية – مع الأصدقاء والحلفاء – من القيام بواجبها الوطني الذي تقوم به كحق سيادي تُمارسه بثقة واقتدار مَشفوع بالإيمان الراسخ، سواء لجهة دحر الإرهاب والقضاء على تنظيماته، أم لناحية تَجفيف منابعه ومُحاسبة جميع المُتورطين بدعمه وإمداده.