الثورة أون لاين:
من المعروف أنه في المنعطفات الكبرى التي تمر بها المجتمعات تكثر الحيرة وتتعدد الاتجاهات والدروب ..الكل يرى أن الطريق الذي يريد ان يعبره المجتمع هو الأكثر سلامة وأمنا..بل إنه المنقذ الذي يمضي بالمجتمع إلى شط الأمان ..
السياسي يطرح وجهة نظره ويقدم البراهين على أنها الصواب ..وعالم الاجتماع يحذر مما كان وما يمكن أن يكون ..
وحده المثقف العضوي الفاعل لا تعنيه مفارق ومنعطفات الدروب بقدر ما تعنيه الخطوات والرؤى التي ينطلق منها المسير وما يجب أن يصل إليه.
بمعنى آخر إذا كان السياسي يرى الاستقرار ضرورة فإن المثقف لا يراه كذلك نعني به الاستقرار الفكري فالمثقف مولد أفكار ومنبع أسئلة تقض مضجع السكينة لا لأنها تريد ذلك …لا إنما لأن السكون في الفكر يعني الموت والتعفن ..
أمس كان الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب يؤدي هذا الدور المقض للسكينة إذ يكتب افتتاحية الأسبوع الأدبي تحت عنوان
النخب الثقافية وتحديات الأسئلة..
كثيرة هي الأسئلة التي طرحها في هذه الافتتاحية مثل دور النخب الثقافية ..بل السؤال ..هل بقيت نخب ثقافية ..واذا بقيت هل من دور لها ؟
لماذا الشقاق والخلاف يسود المشهد الثقافي العربي ..من المسؤول عن ذلك ..وكيف يمكن أن نستعيد دور المثقف في مجتمعاتنا العربية ..
ومن ثم لماذا يعزل المثقف نفسه عن المجتمع ..
هل هذا يعني أنه يرى نفسه أرفع وأكثر سموا من المجتمع الذي يعيش فيه ..؟
أسئلة مهمة جدا وأن تطرح من قبل رئيس اتحاد مفعم بالنشاط والحيوية الديناميكية التي تتفاعل مع الجميع وتخلق من طيوف الآراء كلها فعلا ثقافيا غايته وهويته الوطن ولا شيء غير الوطن وقيم الجمال والسمو..
تعني هذه الأسئلة أن اتحاد الكتاب العرب قد أزال الصدأ وجدد الأدوات وشحذ الهمم .
خرج من جدران التنظير من وراء المكاتب إلى ساحات الفعل الحقيقي وهنا نقطة يجب أن تتقاطع بها المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي والفكري الذي يحفر مجرى خصبا يظل ماؤه عذبا متجددا ..
الأسئلة التي طرحها رئيس الاتحاد تحمل مشروعيتها ولا تسعى بإجابات مباشرة فالجواب المباشر في الفعل الثقافي لا معنى له .
جمر الإجابات يبقى متقدا من واقع التنفيذ والعمل الحقيقي الذي يضج حيوية دون صخب إعلامي زائف ينتهي بانتهاء اللحظة التي كان فيها.
نعم من أول أولويات العمل الثقافي طرح الأسئلة وتوليدها وعدم الركون إلى الدعة التي تفسد كل شيء.