الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
“إن رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس” قد أثبتَ الشعب السوري صحة مقولة “جان جاك روسو” تلك، فلولا وعي الشعب لما احتفى بالحدث الدستوري وبانتمائه لقائده ووطنه الذي دافع عنه كي يعيش فيه مصون الكرامة رغم إنهاك الحرب له على مدى عشر سنوات و”اختناقات” لا يزال يعيشها. فمن مبدأ ثقافة الوعي أكد السيد الرئيس بشار الأسد في كلمة له بعد القسم الدستوري أن ” الوعي الشعبي الوطني هو حصننا هو الذي يزيل الغشاوة عن العيون عندما ننظر لمستقبلنا، هو المعيار الذي نقيس به مدى قوتنا وقدرتنا على تحدي ومواجهة وهزيمة كل الصعاب، به نميز ما بين الثوابت كالوطن والشعب، وما بين المتغيرات كالأشخاص والظروف، به نميز ما بين المصطلحات الحقيقية والوهمية، بين العمالة والمعارضة، بين الثورة والإرهاب، بين الخيانة والوطنية، بين إصلاح الداخل وتسليم الوطن للخارج، بين النزاع والعدوان، بين الحرب الأهلية والحرب الوجودية دفاعاً عن الوطن، فلا مناطق رمادية بين تلك المفاهيم بل خطوط شديدة الوضوح دقيقة الحدود ولا يخلط بينها إلا قصير نظر وقاصر رؤية”.
نتطلع من خلال هذه العبارات المفصلية إلى بناء مستقبل سورية، إن عرفنا كيف نبني قواعد الوعي والتمييز بين المفاهيم والمصطلحات التي لعبت دوراً مباشراً في الحرب على سورية، وإن كنا نريد أن نعرف الفرق فالمفهوم هو استنتاجات فكرية يتم الوصول إليها، بينما المصطلح هو التركيز على المعاني اللفظية والحرص على توضيحها ليسهل فهمها.
فهناك الكثير من المصطلحات التي كانت وليدة الحرب ارتبطت بالبيئة التي ظهرت فيها، واعتمدت على مجموعة من العوامل البيئية التي ساهمت في ظهورها، لتتحول المصطلحات مع الوقت لجزءٍ من أجزاء الحياة العامة عند الأفراد، فتعمل على شرح المعاني المرتبطة بها، ومن هنا كان للمرجعيات الفكرية دورها في كشف المصطلحات وتوضيح المفهوم في آن، فالمرجعيات بأشكالها السياسية والاجتماعية والدينية لها دور في فك طلاسم الحرب على سورية، وإزالة ستار الأكاذيب وتوضيح الرؤى للشعب وبالتالي الوصول إلى استقرار المجتمع والتمسك بسيادته ونشر ثقافة المواطنة وازدياد وعيه الوطنيّ ليصبح كقوته اليومي لا يمكن التخلي عنه.
وقد أشار السيد الرئيس بشار الأسد إلى أن “هذه المقدرة على التمييز بين الوهم والحقيقة على عزل السم عن العسل هي التي مكنتنا من تحويل حدث دستوري، إلى عمل سياسي وطني استراتيجي، حمل ونشر رسائل كبرى عن الإجماع الوطني والتجانس الاجتماعي، والتمسك بسيادتنا وحقوقنا، وهي التي أعطتنا القدرة على فهم الخطط المعادية، وتحديد مسارات العدوان، وجعلتنا أكثر قدرة في مواجهتها وتخفيف أضرارها”.
قد يكون من السهل إشاعة المصطلحات وإيضاح مفاهيمها، ومن الصعوبة تكريس حقيقتها في أذهان الأفراد، من هنا كان لا بد من التأكيد عليها والتطرق لها لا سيما في خطابِ قائدٍ خاض أشرس الحروب وانتصر بإرادة شعبه وتصميم جيشه، ولا يزال يعزز في مجتمعه القيم الإنسانية والمفاهيم السامية والوعي الوطني، موقناً أن شعبه يعي تماماً كيف يفرق ويميز بين المصطلحات الحقيقية والوهمية التي تحدث عنها السيد الرئيس مفصّلاً في خطاب القسم.