تنبئ التطورات المتلاحقة في أفغانستان بسيطرة حركة طالبان على مناطق واسعة في البلاد وعلى الجزء الأكبر من الحدود الأفغانية مع الدول المجاورة واكتفت واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي بالتعبير عن القلق فقط والزعم بدعم عملية السلام والإسراع بسحب ما تبقى من قواتهم من هذا البلد بعد أكثر من عشرين عاما من الاحتلال الأميركي الأطلسي . الفشل الأميركي الأطلسي في أفغانستان متعدد الجوانب ويكشف زيف الدعاية الغربية عن بناء الديمقراطية والاستقرار حيث تنسحب القوات الأميركية وتترك البلاد لمصير مجهول لا تضمن فيه حياة المترجمين الذين كانوا يعملون معها الأمر الذي يؤكد رفض الشعب الأفغاني للاحتلال الأميركي. وكعادتها تترك القوات الأميركية عند انسحابها عملاءها لمصيرهم المحتوم كما فعلت سابقا في العديد من المناطق التي غزتها ومنها العراق وللأسف تتعامى مليشيا قسد التي تعمل بإمرة الاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية عن هذا المصير الذي ينتظرها وتمعن في تصعيد ممارساتها القمعية بحق السكان المدنيين لتكمل بأفعالها الشنيعة دور العدوان التركي الذي يقطع المياه عن أهلنا في الحسكة ويواصل أعماله الإجرامية في المناطق التي يحتلها شمال سورية.
تزعم مليشيا قسد أنها مع وحدة سورية الجيوسياسية ولكن على الأرض كل ما تفعله يؤكد نزعتها الانفصالية وقيامها قبل أيام باعتراض حافلات تقل طلابا ومرضى قادمين إلى المحافظات السورية الأخرى يعكس سعيها لتكريس واقع تقسيمي مرفوض من أبناء الجزيرة السورية.
وكذلك الأمر تندرج الممارسات التعسفية وأعمال الاعتقال والقتل والتدمير الممنهج لمنازل المواطنين وحرمانهم من العمل في مزارعهم إضافة إلى سرقة ونهب الموارد الوطنية وتسخيرها لإقامة بنى انفصالية في إطار النزعة الانفصالية لهذه المليشيا العميلة للاحتلال الأميركي.
كما توفر هذه المليشيا الحجة للاحتلال التركي للاستمرار باحتلال للأراضي السورية بادعائه تشكيلها خطرا على الأمن التركي، أما في الواقع فكلاهما يكملان بعضهما في العدوان على الشعب السوري. إن زعم مليشيا قسد بعدم سعيها لإقامة كيان انفصالي في الجزيرة لا ينطبق مع إجراءاتها على الأرض حيث تخضع لسيطرة الاحتلال الأميركي وتنشئ كيانات اقتصادية وإدارية دون الحصول على الموافقات الرسمية الحكومية والأخطر من ذلك سماحها ولقائها مع وفود أجنبية داخل الأراضي السورية دون المرور بالمؤسسات السيادية السورية وأيضا السماح لها بمحادثات خارجية والقيام بجولات خارجية للتسويق لمشروعها الانفصالي، وإذا كانت كل هذه التصرفات بالنسبة لهذه المليشيا لا تشكل خطرا على وحدة الأراضي السورية وسيادة البلاد فهذا يعني ثبات التهمة عليها حيث لا يوجد دولة في العالم تقبل أن تقوم جهات حزبية أوسياسية بالتفاوض خارج إطار مؤسسات الدولة على أي أمر يتعلق بالسيادة ووحدة البلاد. وكذلك الأمر لو كانت مليشيا قسد تهتم بالسيادة الوطنية لما سمحت بسرقة ونهب الاحتلال الأميركي للموارد الوطنية للبلاد ولا بانتهاك الاحتلال للحدود وغيرها من الإجراءات والأهم من ذلك لرفضت أن تكون أداة لهذا الاحتلال في عدوانه على سيادة سورية وشعبها. بعد أكثر من عقدين من الزمن انسحبت القوات الأميركية من أفغانستان تاركة عملائها والذين عملوا معها لمصيرهم وما يجب أن تعلمه ميليشيا قسد أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة تقوم على سحب الجنود الأميركيين من العالم وكل المؤشرات تصب في اتجاه انتهاء الوجود الأميركي غير الشرعي في شرق سورية خلال العامين المقبلين وعندها ستكون هذه المليشيا وحيدة أمام شعبها الذي سيقتص منها كما فعلت كل الشعوب الأخرى مع أبنائها الذين خانوا أوطانهم وتعاملوا مع أعدائها.
معا على الطريق- أحمد ضوا