إلى اليوم ورغم مرور أكثر من شهر تقريباً على قرار وزارة الصحة رفع أسعار الدواء المنتج محلياً، إلا أن عدداً من الأدوية لا تزال غائبة عن الصيدليات ولم تجد طريقها إلى السوق المحلية، رغم الطلب المتزايد عليها ورغم أنها تعتبر حاجة ملحة للمرضى وخاصة أدوية الأمراض المزمنة.
هذه المعادلة التي سعى إليها بعض منتجي الدواء خلال السنوات الماضية لم تعد مقنعة، فهم ومع أول اهتزاز يصيب مستويات أرباحهم، يلجؤون إلى حجب منتجاتهم من الأدوية النوعية عن السوق المحلية، في محاولة للضغط على القرار الرسمي والسماح لهم برفع أسعارهم، وهذه ليست المرة الأولى التي يمارس بعض منتجي الدواء هذا السلوك غير الوطني الذي يدلل على مستويات وعي لا تتناسب مع الفرص الكبيرة التي أتيحت لهم خلال سنوات ما قبل الحرب العدوانية على سورية وحتى خلال سنوات الحرب، فحجم الأرباح وأرقام الأعمال التي أنجزوها كبيرة جداً، إلا أن بعضاً منهم لا يبدو قادراً على تقديم مبادرات ومساهمات لدعم مواقف البلد خاصة في أوقات الأزمات، وهم الذين حصلوا على الكثير من الدعم والتسهيلات والمزايا في سنوات الرخاء.
وبالعودة إلى ما جرى قبل شهر فقد دخل بعض منتجي الدواء في مساومة غير مقنعة مع الجهات المعنية فإما أن تصدر تسعيرة جديدة لهم أو أن يستمروا في حجب الدواء عن السوق المحلية، وربما كان الحديث عن توقف كامل لصناعة الدواء.
وها هم اليوم ورغم الاستجابة التي قامت بها وزارة الصحة والقبول بإصدار قرار برفع أسعار الدواء إلا أنهم بقوا محافظين على مواقفهم في حجب الدواء عن السوق المحلية لأنهم لم يحصلوا على كامل النسبة التي طالبوا بها لرفع أسعار الدواء.
قد يكون البعض من المنتجين محقاً في طلبه بالنظر إلى ارتفاع التكاليف وصعوبة تأمين المواد الأولية وغير ذلك من الظروف التي تعيشها البلاد، لكن لا يجب أن يكون رد الجميل للوطن بهذا الموقف المجحف، فقد يكون التنازل عن جزء من الأرباح حالياً سبباً في الحصول على أرباح أعلى في المستقبل القريب بعد الوصول إلى عتبات التعافي التي تعمل الدولة على إنجازها.
واليوم لا يزال الكثير من المرضى ينتظرون عودة الدواء إلى السوق المحلية والذي يشير البعض إلى أن بعض الأدوية موجودة في المستودعات لكن منتجيها لا يرغبون بطرحها في الأسواق لزيادة الضغط على أصحاب القرار للحصول على نسب أرباح إضافية!.
على الملأ- بقلم أمين التحرير محمود ديبو