أول الكلام .. غضبُ الأرض

 

الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:

يُذكّرنا هذا الجوّ المشتعل، بحقيقة الإنسان العارية، حيث بدائيّة وجوده في عالمٍ، سمحت له الطبيعة فيه، أن يترعرع ويكبر في أحضانها.. هيّأت له مداها ليفكّر ويكتشف ويعمل، بعد أن كستهُ وهذّبته، وأغدقت عليه العطاء، فبات يعيش على خيراتها، ويستظلّ بفيءِ أشجارها، متأمّلاً جمال أزهارها والورود التي عطّرته..
فعلت له كلّ ذلك، بحبٍّ أرادتهُ يثمرُ فيه، كي يعتني بها أكثر وأكثر، لكنّه أنكر كلّ ما أغدقته عليه، فتمرّد عليها وأهملها وطغى وتجبّر..
خانها ولم تخنهُ، عرّاها بعد أن كستهُ.. يبّسَ اخضرارها، وقطع نسلَ أشجارها، لوّث الهواء الذي أمدّته به فأحياه، وخنق فضاءاتها، بضبابيةِ وسوادِ مبتغاه.. رمّدها بحرائقِ جشعه ولم يشبع، فأحال النقاء الذي كان يتنفّسه، إلى أوبئةٍ أخطرها حقده الذي استشرى، فكان الأخطر والأبشع….
إذاً.. الأرض غاضبة، ممن احتوتهُ وضمّته إبناً، فلم يبادرها العطاء، بل مضى يعيثُ فيها أذى، متمادياً وضالاً جداً.. وهبتهُ جمالها وجلالها وثمارها، فتنكّر لكلّ ما وهبتهُ إياه، ومضى يجرُّ أخلاقه العارية، ناسياً أو متناسياً، أنه مازال يتسربلُ بأفضالها..
ها هي تعرّيه كما عرّاها، وتشتعل غضباً يحرقه، مثلما حرقها وبات يتأفّف من احتضارها.. هاهي تلقّنهُ درساً، فتصفعهُ بأمومتها المتجدّدة والمتبرِّئة منه، وتطردهُ من رحمتها، تاركةً إياهُ يعاني من قسوتها، لتريهِ كم طغت قسوته.
نعم، هو غضب الأرض، والأرض هي الحياة.. غضبها من الإنسان الذي غدرَ بها، بعد أن أغدقت عليه كلّ ما يرتقي به، ويمكّنه من صنع المعجزات.. الغضب الذي جعلها توقدُ بحرارتها ذاكرته، علّه يفكّر ولو للحظاتٍ، ببشاعةِ ما اقترفه بحقّها، بل وبحقّ كلّ ما منحهُ جدواه، فانسلخ عنه وتماهى في غباءِ، لن يلهمه أبداً، إطلاقِ أسئلته:
هل يغضب العلم؟.. هل يغضب العدل؟.. هل تغضب الأخلاق؟!!..وأيّ كارثةٍ تلك التي ستحلّ عليه، إن كان سبب كلّ هذا الجحيم الذي يعيشه، لمجرّد غضب الأرض – الأم؟!…

mayhoubh@gmail.com

التاريخ: الثلاثاء27-7-2021

رقم العدد :1056

 

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين