على مدى عقود قتلت أميركا عشرات الألوف من الأفغان بذريعة مطاردة القاعدة وطالبان، والمفارقة أنها كانت تزعم أنها قتلت الأبرياء عن طريق الخطأ غير المقصود، ولاسيما عندما تنقل محطات التلفزة الصور على حقيقتها، حيث تبدأ حملات التضليل الأميركية، وتبدأ مزاعم محاربة الإرهاب وغيرها من الأكاذيب.
ثم انسحبت إدارة بايدن من أفغانستان بعد أن أعادت أميركا هذا البلد قروناً إلى الخلف، ثم عادت هذه الإدارة لتضلل العالم وهي تتحدث عن وفائها بالانسحاب، وتظهر رئيسها جو بايدن وقد وفَّى بوعده بعدم إرسال جيل آخر من الأمريكيين إلى الحرب في تلك البلاد، متجاهلة الحديث عن ضحاياها هناك وعن مسؤوليتها عن كل ذاك الدمار والخراب والتخلف.
والأمر ذاته فعلته أميركا في العراق ويوغسلافيا وسورية وليبيا وهاييتي، وكررت جرائمها في بلدان عديدة من إفريقيا إلى آسيا مروراً بأميركا اللاتينية، وانتهكت حقوق الشعوب ونهبت ثرواتها ودمرتها، ثم عادت إلى نغمة وفائها بالتزاماتها وبدفاعها عن حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب المزعوم.
وحتى عندما تحاول أقطاب عالمية أخرى تحقيق الازدهار والأمن والسلام العالمي فإن أميركا تقف لها بالمرصاد وتحاول إفشال مساعيها وخطواتها، ولنا في مثال السياسة الصينية التي تحاول بناء عالم متعدد الأقطاب وآمن ومستقر خير شاهد.
فمن خلال مشروع الصين أو مبادرتها المعروفة “بالحزام والطريق” نستطيع أن ندرك حجم المناكفة الأميركية ووضع العصي في طريقها، فبمجرد أن تقوم الصين بتوقيع الاتفاقات مع إيران أو اليونان أو سورية أو باكستان أو غيرها لمضي هذا المشروع، الذي يحقق ازدهار الدول وبناءها، إلى الأمام، نرى واشنطن وهي تسارع الخطا لإعداد مشاريع مناقضة لها، ومحاولة عرقلتها ووأدها قبل أن ترى النور، بل وتعبر عن قلقها البالغ من تنفيذ هذا المشروع، دون أن تدرك أن زمن أحاديتها القطبية قد ولى إلى غير رجعة!.
البقعة الساخنة -بقلم مدير التحرير أحمد حمادة