تساهم الثقافة في صياغة البنية الروحية ورسم الهوية الوطنية وعمقها التاريخي، ومكوّن الثقافة علاقات متشابكة اجتماعية واقتصادية وسياسية، وهذه الثقافة لتؤدي فعاليتها المرجوة يجب أن تنتجها علاقات ومجموعات إنسانية على أن توجّه إلى مجموعات إنسانية وتُبنى على أساسها العلاقات الإنسانية….
التركيز على المكوّن الثقافي لبناء مجتمع إنساني قويم يستلزم اتجاهات فكرية تجسّد حاجات المجتمع ومنظوماته الأخلاقية التي تلامس واقع وجوهر حاجات الناس في زمن واتجاهات اقتصادية وسياسية درجات فعلها الأساسي في إطار الحاجات فقط، بينما مسؤولية تطوير اتجاهاتها الفكرية تستند إلى تراث وموروث تنفرد بتمايزها بالقدرة على الحياة بعد الزمن الذي أُنتجت فيه…
شواهد الثورات الإنسانية وتطوّر منتجاتها الفكرية والثقافية والأدبية والإبداعية والتي وصلتنا غير مُعلّبة استمرت وأسّست الحضارة العربية العريقة التي احترمت العلم والعلماء وساهم العلم في التقدم الإنساني، وعلى مستوى الأدب والفكر بقيت المضامين ملتزمة بالنُظم الأخلاقية (الرحمة، العدالة، التسامح، الصدق، التواضع، الاحتكام إلى العقل وطلب العلم… الخ) كلّ ذلك أفرز فكراً وآداباً عربية وعالمية في قرون ذهبية تُعنى بعراقة الحضارة، وأفرزت علاقة متوازنة مع الآخر يحترم كلّ شعب ثقافة الآخر ويستلهم منها باحترام…
رسم المشروع الثقافي والفكري بشكل جديد لايعني إلغاء مصفوفة الإبداع والتلقي عند المتنبي والمعري والزركلي ونزار قباني، ولا يعني مقاطعة وإبعاد فولتير ولا بلزاك وفيكتور هوغو عن ثقافتنا ردّا على الاستعمار الغربي…
خلق بيئة متوازنة قاعدتها مفاهيم وطنية تصون الفكر والإبداع الإنساني في كلّ المجالس والميادين…
رؤية – هناء الدويري