الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
تسير الولايات المتحدة وحلفاؤها على مسار تصادمي متسارع بشكل كبير مع الصين، ما يؤدي إلى خطر التحريض على حرب شاملة، ويمكن القول إن هذه الاستفزازات الطائشة التي لا هوادة فيها تقترب من العدوان الإجرامي.
فقد شهد هذا الأسبوع إعلان واشنطن عن بيع أسلحة بقيمة 750 مليون دولار لتايوان – الجزيرة التي تم الاعتراف بها دولياً كجزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية منذ انتصار الحرب الأهلية عام 1949 – وردت بكين بغضب على هذه الصفقة باعتبارها انتهاكاً صارخاً لسيادة الصين وأمنها القومي، كما يبدو أنها خطوة محسوبة لزعزعة استقرار المنطقة.
من المرجح أن يشجع توريد الأسلحة الأمريكية إلى تايوان، وهي أول صفقة من نوعها تحت إدارة بايدن، الفصائل الانفصالية في الجزيرة على إعلان الاستقلال عن الصين. في هذه الحالة حذرت بكين من أنها ستغزو الإقليم عسكرياً، وهذا من شأنه أن يلقي حتماً بالصين والولايات المتحدة في صراع مباشر منذ أن أصدرت الأخيرة تصريحات مثيرة للجدل “للدفاع عن تايوان”.
في عهد دونالد ترامب تم تسجيل عدد من صفقات الأسلحة مع بعض المناطق الصينية، وتعتبر هذه المعاملات العسكرية انتهاكاً لسيادة بكين الإقليمية على تايوان. وتمت صياغة هذه السياسة في السبعينيات كطريقة لمواءمة الصين مع الولايات المتحدة في معارضة الاتحاد السوفييتي السابق، ولكن على مدى عقود غيرت واشنطن حساباتها الجيوسياسية لتصنيف بكين باعتبارها التهديد الرئيسي لطموحات الهيمنة الأمريكية.
إن بيع الأسلحة لتايوان ليس سوى جانب واحد من جوانب عديدة في الجهود المنهجية التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها لاستفزاز الصين، فقد شهد الأسبوع الماضي عبور السفينة الحربية الأمريكية السابعة بين تايوان والبر الرئيسي للصين منذ تولى بايدن منصبه في كانون الثاني.
يبلغ طول مضيق تايوان حوالي 130 كيلومتراً فقط في أضيق حدوده.
لقد كان موقعاً للعديد من الأزمات العسكرية الخطيرة بين الولايات المتحدة والصين على مدى عقود عندما كان الجانب الأمريكي يفكر أحياناً في استخدام الأسلحة النووية وفقاً للمخبر المخضرم دانييل إلسبرغ.
تسمي واشنطن مناوراتها البحرية “حرية عمليات الملاحة”، ولكنها في الحقيقة ليست إلا تحديات مبطنة لمطالب بكين الإقليمية، فهي جزء من حشد عام للقوات العسكرية في المنطقة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
كما يشهد هذا الأسبوع انخراط البحرية الأمريكية في مناورات عسكرية ضخمة في بحر الصين الجنوبي إلى جانب أستراليا واليابان والهند، وقد تبنت المجموعة التي تقودها الولايات المتحدة والمعروفة باسم “الرباعية” موقفاً صارماً لتحدي الصين وتطويقها.
دخلت مجموعة حاملة طائرات بقيادة بريطانية تتألف من سفن حربية أمريكية وهولندية بحر الصين الجنوبي في عرض إقليمي للقوة.
كما أرسلت فرنسا مؤخراً غواصة نووية “للقيام بدوريات” في البحر الذي يعد طريقاً حيوياً للشحن التجاري للصين، والذي يمتلك أيضاً احتياطيات وفيرة من النفط والغاز تحت الأرض، وبدورها فقد أعلنت ألمانيا هذا الأسبوع أنها بصدد نشر سفينة حربية في بحر الصين الجنوبي، وهي أول مهمة من نوعها إلى المنطقة لبرلين منذ عقدين.
في هذه الأثناء، فإن لدى ينس ستولتنبرغ، رئيس التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة (NATO)، الحماقة، أو الغباء، ليقول مراراً وتكراراً أن “الصين تقترب منا”.
لذا فإن ما يسمى بالتحالف عبر الأطلسي ينتقل إلى المحيط الهادئ وآسيا للدفاع المفترض عن الديمقراطية والأمن الغربيين من تهديد الصين، من يمكنه تصديق مثل هذا التفكير المزدوج غير المنطقي؟!.
إن النزعة العسكرية العلنية تجاه الصين هي جزء من “الحرب الهجينة” التي تتهم واشنطن ووكلاؤها الإمبرياليين (الناتو، العيون الخمس، وسائل الإعلام الإخبارية للشركات، الخ) بكين وموسكو بشنها، والجانب الآخر من هذا العدوان الهجين هو الحرب المعلوماتية.
يتم تشويه سمعة الصين باستمرار من قبل واشنطن وحلفائها بمزاعم لا أساس لها من الإبادة الجماعية ضد أقلية الأويغور العرقية في مقاطعة شينجيانغ الغربية إلى انتهاكات حقوق الإنسان في جزيرة هونغ كونغ.
كما اتُهمت بكين بشن هجمات إلكترونية عالمية، ومؤخراً بتوسيع ترسانتها النووية. يمكن توجيه كل هذه الاتهامات بشكل أكثر جوهرية ودقة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
كما أن هناك تطوراً آخر في حرب المعلومات وهو تسييس جائحة كوفيد -19.
يدعم السياسيون ووسائل الإعلام الأمريكية المزاعم الضعيفة بأن الفيروس التاجي الجديد القاتل نشأ من مختبر للأبحاث الطبية في مدينة ووهان الصينية.
وهذا الأسبوع زعمت وكالات الاستخبارات الأمريكية أنها حصلت خلسة على بيانات وراثية من معهد ووهان لعلم الفيروسات والتي يُزعم أنها تثبت أن الفيروس تسرب من مختبراته.
هذا هو وضع سيناريو “البندقية الصارمة” الذي يمكن أن تستخدمه واشنطن بعد ذلك لتجريم الصين بشأن الوباء العالمي.
لا يختلف الأمر عن الطريقة التي قامت بها نفس وكالات الاستخبارات في الماضي بتزييف “أدلة” على أسلحة الدمار الشامل التي بررت قيام الولايات المتحدة بشن حرب إبادة جماعية على العراق.
من جانبها، رفضت بكين بشدة كل هذه المزاعم باعتبارها جزءاً من هدف واشنطن لخلق حرب باردة جديدة، وفيما يتعلق بأصول الوباء على وجه الخصوص، تشير الصين إلى أدلة تشير إلى تورط مختبر الحرب البيولوجية الأمريكي، فورت ديتريك ميريلاند.
الهدف الأمريكي هنا هو تقسيم العالم إلى معسكرات معادية حتى تتمكن من إملاء شروط الاشتباك، كما يتم التلاعب بالحلفاء الأوروبيين وإجبارهم على الإضرار بعلاقاتهم الاقتصادية المزدهرة مع الصين.
تستند طموحات واشنطن العالمية بالكامل على أجندة عدائية، حيث يعد الامتياز الفريد والمشكوك فيه للدولار الأمريكي كعملة صرف عالمية أمراً أساسياً للحفاظ على هذه القوة العالمية.
إن الصعود الاقتصادي للصين وظهور عالم متعدد الأقطاب هو لعنة، بل هو عدو بالفعل، لإمبراطورية الولايات المتحدة، وهذا يفسر الجهود الجنونية التي تبذلها واشنطن لإثارة العداء في كل فرصة، لكن هذا الجنون الإجرامي يؤجج حرباً عالمية شاملة.
المصدر:
Grean Ville post