يوم أمس وأنا عائد إلى بيتي لاحظت وجود عبوات معمل مياه السن أمام أحد المحال الخاصة في مدينة طرطوس، فتوقفت ونزلت إلى المحل وطلبت ست عبوات مغلّفة مع بعضها، وسالت صاحب المحل عن السعر، فقال لي ستة آلاف ليرة ..قلت له ولكن هذا السعر مرتفع جداً ولاسيما أن السعر المدوّن على العبوة- سعة ليتر ونصف-هو 525 ليرة للمستهلك فأجاب هذا سعرنا ..
خرجت من المحل وتذكرت أن لدينا وزارة طويلة عريضة لحماية المستهلك، وقلت إنها كانت خلال الفترات السابقة في وادٍ والمستهلك في وادٍ آخر، وبالتالي لم يشعر بحمايتها له ولم يلمس على أرض الواقع أي شيء يذكر من هذه الحماية، سواء اشتكى أو لم يشتكِ، وسواء رفع صوته عالياً أو بقي خافتاً من الخوف، وسواء نشر الإعلام معاناته أو ترك النشر لوسائل التواصل، والأدلة على ما تقدم كثيرة جداً لعلّ أبرزها ارتفاع كافة الأسعار والأجور بشكل لايقبله منطق أوعقل، وفوضى الأسواق بعيداً عن أي ضابط وغياب أي تأثير يذكر لأجهزة الرقابة رغم صدور القانون 8 الذي شدّد العقوبات على المخالفين!.
ومع وصولي إلى البيت، والتمعّن جيداً بما كان يكتبه المهندس عمرو سالم على صفحته بشكل متواتر حول أمور كثيرة تتعلق برؤيته لحماية المستهلك، وبما كتبه(أمس) بعد تسميته وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك في الوزارة الجديدة، تساءلت بيني وبين نفسي فيما إذا كان سيتمكن حقاً من تنفيذ وعوده وبالأخص منها وعده بحماية المستهلك المستحق لهذه الحماية..
ودون الدخول بتفاصيل ماكتب من آراء وما أطلق من وعود تعكس حرصه الشديد على تغيير الواقع القائم نحو الأفضل..أقول إن حماية المستهلك غير المقتدر لا يمكن أن تتم بآليات العمل والمتابعة والرقابة والعقليات والمصالح القائمة حالياً، ولا يمكن أن تتم بطرق الدعم المتبعة للخبز وبعض المواد التموينية، ولا بتجاهل نوعية الخبز السيئة، ونقص وزن الربطة وزيادة سعرها عما هو محدد وسوء طريقة إيصالها، ولا بترك سائقي التكاسي وسائقي السرافيس والشاحنات يفرضون الأجور كما يريدون، ولا بترك أصحاب المهن والحرف في الأسواق والمناطق الصناعية ينتفون (المستهلك)نتفاً عندما يحتاجهم، ولا بترك تجار الجملة والمستوردين يحددون الكلف والفواتير كما يرغبون ..ولا ولا …الخ
فهل ستكون وزارة (حماية المستهلك) في الفترة القادمة وزارة تحمي المستهلك الذي يحلم بهذه الحماية قولاً وفعلاً ؟أم إن الأمور ستبقى كما هي لأسباب مختلفة؟ الأيام والأسابيع القادمة كفيلة بالإجابة عن هذين السؤالين ..فلننتظر.
على الملأ – هيثم يحيى محمد