الثورة أون لاين-ناصر منذر:
الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر انتهاكا للقوانين والقرارات الدولية، هي تتصرف وفق قانون شريعة الغاب الذي يحكم سياستها الاستعمارية، وتستند إلى فائض قوتها الغاشمة لتنفيذ أحكام هذا القانون الخارج عن كل المعايير القانونية والأخلاقية والإنسانية، ولذلك فهي آخر من يحق له التحدث عن القوانين الدولية، فهي لا تنفك تفسر أحكام تلك القوانين حسب مصالحها وأطماعها، وبما يخدم سياساتها التوسعية، ونزعتها العدوانية.
في محاولة مكشوفة لشرعنة احتلالها لأجزاء من الأرض السورية، لم تجد الولايات المتحدة سوى اللجوء إلى تفسير القرار 2254 بشكل مخالف ومناقض لمضمونه، فادعى المتحدث باسم ما يسمى بـ (التحالف الأميركي) غير الشرعي واين ماروتو أن القوات الأميركية موجودة في سورية بموجب هذا القرار الدولي، علماً أنه لا يوجد في هذا القرار أي بند يمنح قوات الاحتلال الأميركي وتحالفها المزعوم أي تفويض قانوني لهذا الوجود العسكري غير الشرعي، وبالتالي فإن وجود القوات الأميركية وأي وجود عسكري أجنبي من دون موافقة الحكومة السورية هو عدوان موصوف، واعتداء على السيادة السورية، وانتهاك صارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تحاضر علينا بالحديث عن هذا القرار، فماذا عن الجملة الأولى منه، والتي يؤكد من خلالها مجلس الأمن التزامه القوي بسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، فهل الاستمرار بسياسة الاحتلال تتماشى مع موجبات تطبيق هذا القرار؟، ولماذا تركز واشنطن وحلفائها دائماً على هذا القرار بعد تأويل أحكامه وتفسيرها حسب أهوائها، وتتجاهل قرارات أخرى بغاية الأهمية، وأبرزها القرار 2253 الخاص بمكافحة الإرهاب، والذي يفرض على الدول الراعية له، التزامات واضحة بوقف دعمها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها (داعش والنصرة) ومن ينضوي تحت رايتهما التكفيرية، فهل التزمت الولايات المتحدة وشركائها الداعمين للإرهاب بمضمون هذا القرار، أم أنها سرعان ما خرجت عن أحكامه قبل أن يجف الحبر الذي كتب فيه؟.
أميركا دولة مارقة، وخارجة عن القانون الدولي، وهذا ما يؤكده ويثبته سلوكها الإجرامي، هي تدعي مع شركائها الحرص على سيادة سورية بأي قرار لمجلس الأمن، ولكنها على أرض الواقع تنتهك تلك القرارات ولا تقيم لها أي وزن سياسي أو أخلاقي، وهي تدعي محاربة الإرهاب، إلا أن تحالفها المزعوم ارتكب الكثير من المجازر بحق المواطنين السوريين، واستخدم الأسلحة المحرمة دولياً في ارتكاب جرائمه، ودمر العديد من المنشآت الصناعية والطرق والجسور والمدارس والمستشفيات، ولكنه لم يستهدف إرهابيي (داعش)، وإنما عمل على حمايتهم من ضربات الجيش العربي السوري، ولذلك فإن ربط الولايات المتحدة وجودها العسكري غير الشرعي بمحاربة هذا التنظيم يجافي الحقيقة بالمطلق، هو فقط ذريعة لإطالة أمد الأزمة، ولاستكمال عمليات النهب لثروات السوريين، ومنع أي حل سياسي ينهي معاناتهم جراء الإرهاب والاحتلال، وهذا السلوك العدواني يكذب تصريحات كل المسؤولين الأميركيين، فعودة الأمن والاستقرار تتطلب بالدرجة الأولى القضاء على الإرهاب وإنهاء الاحتلال، والدولة السورية لطالما أكدت بأن أي وجود عسكري غير شرعي للقوات الأميركية وغيرها ستتعامل معه كعدوان على سيادتها واستقلالها، فجميع القرارات والمواثيق الدولية تمنحها هذا الحق المشروع.