المراقب للمشهد الأفغاني والانسحاب المذل للاحتلال الأميركي بعد نحو عشرين عاماً يرصد قضايا عديدة ودلالات من أهمها أن الاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن، وأن ما كانت تدعيه الولايات المتحدة الأميركية من أنها تحارب إرهاب حركة طالبان كان كذبة، حيث إن هذه الحركة باتت أقوى من الماضي، والدليل على ذلك سرعة سيطرتها على المدن الأفغانية والاستيلاء على المقرات الحكومية بما فيها القصر الرئاسي، وهذا يعني أن الجيش الأفغاني الذي كانت تدعي الإدارات الأميركية منذ احتلال هذا البلد وحتى لحظة انسحاب الجنود الأميركيين من أنها تبنيه وتمده بالمعدات أيضاً كان كذبة كبيرة، حيث الدعم لقوات طالبان فاق دعم الجيش الأفغاني بكثير وذلك لأجندة عدوانية أميركية ضد دول جوار أفغانستان.
أيضاً من القضايا التي يمكن رصدها ومن خلال مقاطع الفيديو والأخبار التي وصلت من أفغانستان عملية إجلاء الجنود الأميركيين مع كلابهم البوليسية في حين ترك العملاء الذين ساعدوا جنود الاحتلال على احتلال بلادهم ونهب خيراتها إلى مصيرهم المجهول أمام حركة طالبان ما يعني أن العملاء لاقيمة لهم وثمنهم ما يقبضوه من دولارات مقابل عمالتهم وأن مصيرهم عند انتهاء دورهم سيكون إلى مزابل التاريخ، وهذا من المفروض أن يتعظ كل من يستقوي بالأجنبي على شعبه ووطنه فهل سيتعظ العملاء في سورية الذين ربطوا مصيرهم بالاحتلال الأميركي والمقصود هنا بالدرجة الأولى ميلشيات قسد العميلة؟.
هذه الميلشيات التي تنفذ سياسة الاستخبارات الأميركية في المنطقة الشرقية وتستقوي بالجنود الأميركيين الذين يصنفون وفق القانون الدولي بقوات احتلال وترتكب هذه الميلشيات جرائم بحق المواطنين السوريين ولاسيما الذين أعلنوا صراحة رفضهم لكل أشكال الاحتلال وتمسكهم بانتمائهم لوطنهم ما يعني أن قسد هي أداة رخيصة تستخدم لتنفيذ أجندة استعمارية ضد وطنها وشعبها، ولاشك أن مصيرها لايختلف عن مصير العملاء الأفغان الذين تركوا لمصيرهم المجهول بعد أن انتهى دورهم العميل.
قوات الاحتلال الأميركي في سورية ستنسحب منها وهذا مصيرها المحتوم ولاسيما أن هناك قراراً رسمياً وشعبياً بطردها بكل الوسائل الممكنة ومنها المقاومة الشعبية التي بدأت أعمالها ضد قوات الاحتلال والعملاء تتصاعد، وهذا مؤشر كبير على أن زوال الاحتلال قريب، فهل تتعظ ميلشيات قسد وتعود إلى رشدها بعد أن شاهدت الدرس الأفغاني بكل تفاصيله المذله للاحتلال وعملائه، حيث سياسة المستعمرين ثابتة اتجاه العملاء على مر التاريخ فلا قيمة لأي عميل أو خائن وخير مثال على ذلك إنقاذ الكلاب البوليسية الأميركية برفقة الجنود الأميركيين وترك العملاء يلاقون مصيرهم المجهول، فهل من متعظ قبل فوات الأوان نأمل ذلك؟.
حدث وتعليق- محرز العلي