الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
الأحداث الدرامية المأساوية المتسارعة في أفغانستان والمشاهد المؤسفة لهروب السكان من المد الطالباني إلى كابول العاصمة وغيرها بعد الانسحاب السريع والمفاجئ للقوات الأمريكية والأطلسية والهروب الغربي من هذا البلد تجعله مفتوحاً على كل الاحتمالات الخطيرة.
الملفت للأمر أن أمريكا جاءت بجحافل قواتها إلى أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من أيلول تحت شعارات القضاء على إرهاب القاعدة وطالبان وتحويل البلد إلى دولة ديمقراطية وإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم عموما.
إلا أنه ثبت العكس بعد عقدين من زمن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان أن تلك الشعارات قد سقطت في مستنقع الأكاذيب والأضاليل الإعلامية المضللة الغربية والأمريكية التي ثبت بطلانها، فها هي تخرج بشكل مفاجئ ودون مقدمات، وتترك أفغانستان لمصير مجهول .
كما أن ممارسات الاحتلال الأمريكي فشلت في إنقاذ أفغانستان من براثن طالبان التي عادت مجددا لاحتلال البلاد وبسط سيطرتها ونظامها البائد على الشعب الأفغاني.
الدرس المأخوذ مما حصل ويحصل في أفغانستان يتمثل بأن أمريكا والغرب عموماً لا يأخذون بعين الاعتبار مصالح الشعوب والدول التي يستبيحونها تحت شعارات واهية لإنقاذهم أو تحريرهم من الإرهاب بل ينفذون أجندات خاصة بمصالحهم.
فأمريكا حشدت العالم الغربي وأرسلت قواتها العسكرية، كما ضغطت على دول الحلف الأطلسي لإرسال قواتها تحت ما سمي قوات التحالف، وضغطت على مجلس الأمن لاستصدار قرارات تشرعن التدخل العسكري الأمريكي والأطلسي في أفغانستان، وعلى أي حال سقطت كل شعاراتها وهاهي اليوم تنسحب بقواتها وسياسييها، وما حصل في أفغانستان عملت على تكراره في العراق، وحاولت فعله في سورية لكنها فشلت.
الدرس الآخر مما حصل في أفغانستان هو فشل من استقوى وراهن على أمريكا والغرب فخرج مهزوماً ولم تنقذه أمريكا، وهذا أكبر دليل على أن أمريكا لا تحمي أعوانها وما يهمها هو مصالحها ولو كانت على حساب أعوانها وحلفائها، وهو الدرس الذي لابد أن يتعلمه أعوان أمريكا في سورية والمنطقة من أمثال ميليشيا “قسد” وغيرها التي تنفذ أجندات أمريكا وتحاول أيضاً تطبيقها في سورية من خلال تنفيذ أجندة التقسيم بعد أن عجزت على ذلك عبر تشغيل المجموعات الإرهابية ودعمها للقيام بتنفيذ المخططات الأمريكية التخريبية والعدوانية في سورية وغيرها في المنطقة.
على ميليشيا “قسد” وغيرها ممن استنجدت بأمريكا والغرب أن تأخذ الدروس والعبر مما حصل بأفغانستان، بعد أن تركت الشعب الأفغاني يواجه مصيره المجهول لوحده، مما يعرضه ويعرض البلاد لمخاطر عديدة، حيث لا يعرف مصير أفغانستان وشعبها بعد سيطرة طالبان وحدوث الفوضى فيها.
لكن السؤال ماذا وراء ذلك وما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية مما جرى في أفغانستان، وأي مخطط جديد ترسمه لهذا البلد بعد تسليمه من جديد لتنظيم إرهابي عالمي، وأي منطق يحكم هذا السلوك المستهجن. .كلها أسئلة تتكفل الأيام القادمة بالإجابة عليها..!.