منع الاستيراد في مختبر التقييم

تخيّلوا أن نقف مدافعين يوماً عن ضرورة وأهمية وجود ( الكاجو ) في حياتنا وأننا غير قادرين عن الاستغناء عنه حتى في مثل هذه الظروف العصيبة التي تحيط بنا من حرب وحصار وعقوبات ومضاربات ونهب للثروات وبحث مستميت عن أي باب يمكن أن يؤذينا.. ومع هذا نريد كاجو ..

في الواقع للوهلة الأولى يبدو هذا الأمر مضحكاً، ولكن المعلوم أن الجوز واللوز والكاجو والزبيب والتمور – وهي مواد أوقف استيرادها مؤخراً لستة أشهر – لهااستخداماتها وتدخل في بعض الصناعات الغذائية الشعبية واللاشعبية، أو بالأصح كادت كلّها تصير لا شعبية في هذه الظروف المعيشيةالحرجة، فحتى (المكدوس)الذي يدخل فيه الجوز كعنصر أساسي في تحضيره، والذي كان من أكثر الصناعات الغذائية المنزلية شعبية لم يعد شعبياً، أو على الأقل تراجع كثيراً في شعبيته لزيادة تكاليفه بعد ارتفاع أسعار مكوّناته الأساسية من الجوز والثوم والزيت كما أن الفليفلة لم يعد سعرها مناسباً، واليوم ربما يكون قد تمّ تحييده من أمام ما تبقى من الشرائح الشعبية التي كان بإمكانها أن تحضر ولو قليلاً منه، إذ بدا باهتاً في هذه الأيام – وهي أيامه – بعد دخول الجوز في قائمة منع الاستيراد فارتفعت أسعاره عما هي مرتفعة أصلاً.

أما بالنسبة للوز والكاجو والزبيب والتمر فهي مواد لا حاجة للشعب بها وهو- أساساً -لا يتعاطى معها إلا نادراً، فلا مشكلة بإيقاف استيرادها إن كانت تشكّل استنزافاً للقطع الأجنبي فعلاً وفي مثل ظروفنا الصعبة هذه، وربما أغلب الناس يرون أنّ لا داعي لمثل هذه المواد من أساسها أصلاً، ولن يُصابوا بالحرمان أكثر مما هم مصابون إن تراجعت هذه المواد من أمامهم أو حتى إن اختفت.

ولكن دعونا نقف في مكانٍ آخر – وإن كان غير مكاننا – لنسأل :

هل تمت بالفعل دراسة منعكسات وقف استيراد هذه المواد بشكل اقتصادي مُعمّق، وبعيداً عن أي منحى ترفيهي.. وانتهت الدراسة إلى أن هذا الاستيراد يستنزف القطع الأجنبي فعلاً..؟

طبعاً كالعادة تلقينا القرار كنتيجة مجهولة دون أي أدلّة تحكي عن حجم استيراد هذه المواد مثلاً وكيفية استهلاكها.

ثمة مؤشرات اليوم ظهرت – بعد منع الاستيراد – تكاد تجزم أن هذا المنع نفسه سوف يؤدي إلى استنزافٍ أكبر – غير مباشر – للقطع الأجنبي من خلال تعطيل بعض الصناعات الغذائية التي تدخل بها هذه المواد ولها سوق رائج في الخارج وقابلة للتصدير، أي أنها تساهم عملياً في خلق قيمٍ مضافة تؤدي إلى الحصول على قطع أجنبي ناجم عن التصدير، وهو أكثر بكثير من ذلك القطع الأجنبي المدفوع الناجم عن الاستيراد.

إن كان الأمر كذلك فإن هذه المواد تصير مثلها مثل وسائل الإنتاج، وغيابها ينعكس على السلاسل اللاحقة والعاملة معها، فهناك العديد من أصناف الحلويات تدخل بها هذه المواد، هناك أيضاً صناعة العسل بالمكسرات، وإضافة الجوز للتمور، واللوز لحبات المشمش المجفف والعديد من الصناعات الغذائية الأخرى تعتمد على هذه المواد وهي كلّها قابلة للتصدير.

إن كان الأمر كذلك ليس عيباً أن نعيد دراسة القرار ونضع هذه الأمور كلّها في مختبر التقييم لتحديد حجم الاستيراد وحجم التصدير الممكن للمواد التي تدخل بها هذه المكونات، ثم نجمع ونطرح ونقسّم وصولاً إلى نتيجة موضوعية سليمة، فإن كانت نتائج الاستيراد هي الأسوأ فلنعدل عنه، وإن كان هو الأفضل على بيّنة فكلّنا معه ..

على الملأ- علي محمود جديد:

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر