الثورة أون لاين – عمار النعمة
كنت أريد أن أكتب عن كل ماينقصني.. تراكضت الحروف إلى سطور روحي.. إلى دفاتري العطشى.. إلى صور نامت في ذاكرتي.. مذ كان آخر لقاء في بوح القصيدة..
على مثل هذه الأشعار الجميلة في مضمونها، اللافتة في سردها وفي لغتها البسيطة المحببة تسير الشاعرة ديانا مريم في رسم كتاباتها فكانت مجموعتها الجديدة الصادرة عن دار توتول للطباعة والنشر تحت عنوان (همساتي).
وفيها لامست ديانا الضمير الجمعي بطرحها نتاجاً ثريّاً أصيلاً، مشحوناً بنبض الحب، ومنغمساً في القضايا الإنسانية، لتبدو في كتاباتها أيقونة شعرية صافية وكياناً معنوياُ متجدداً… فهي ابنة الحياة والأمل الذي لم يفارقها رغم قساوة الأيام ومرارتها.
ذات بوح تناغمت موسيقاه
على أهداب الليل.. جعل مرقده
مورق نداه من روح الشذى
أي ملامة حين أنتظر ؟
صمتي صلاة الأقوال.. وصخب القوافي
أمام عينيك يتقد..
يا نائماً في غياهب السهد
أرقني ليل السهارى والضجر
إن عدتَ أو عدتُ.. لن يكتمل الشوق.
لن يغني قمر.. يابوحاً لم يأفل.
وعندما تحدثت عن حب الوطن.. أجازت وأبدعت في قصيدتها (تغريدة وطن) وبدا شعرها متفرداُ ندياً مؤنساً يتوشح بالصدق والعفوية… وبدا أننا نحظى بشاعرة ثرية الرؤيا والروح.
عندما قالوا يا ذا الجمال والسناء
لم أعرف أي وجهة يردون ولا عن أي جمال يتحدثون
شتتوا أفكاري وأنا على رصيف الأمنيات الحالمة
أتلو ماتيسر من شغف
عن حب سرمدي عن عشق إلهي
ألملم أوراق النهايات على كتف الورد الغافي.
(ولهمساتي) دلالات معنوية عميقة تتمثل فيما تتمناه الشاعرة ويرجو حدوثه.. فهي التي تهمس أبجديتها الجميلة، وكلماتها بحلة عروضها وبمناداتها الرقيقة، فيتدفق زلال ينابيعها فتقول في قصيدة (في معبدك):
كنت أريد أن أكتب حروفي
قبل أن يصل المطر !!
وأريد أن أتعلم كيف للعناق
أن يغفو قبل أن أحضر
وأتعلم قراءة الحكايات
وتمتمات العاشقين في الروايات
قبل أن أتعلم طقوس السهر.
والقارئ للمجموعة يرى الانسجام في كتاباتها وهذا يعني الفهم الواضح لبنية النص ومضامينه وكل خلفياته.. وفق رؤى وتجليات منظمة مكتملة في التركيب الصوتي والدلالي.. جاءت لغتها رومانسية منسجمة.. وصياغة المفردة لديها من أجمل وأعمق ماتم التعبير من خلاله عن مكنوناتها النفسية.. فقالت:
ليل مورق الندى والسهد ينسك بالصدى
تألق نجمك في سهري
والشوق على رفيف المنى يترقرق
في هدأة السكون رجع الصدى
شيء مالح عكر صفو الورد
والأرق عنيد في ليل
يئن من الغربة.
وكتب محمد الدمشقي في مقدمته: في خضم الضجيج وفوضى الأصوات تهمس، تهمس بكل عذوبتها وإحساسها وكأنها تبث عطراً للوجود، وتمنحه بعضاً من السكينة والأمل لاتغرد خارج السرب ولكنها ترسم عالمها الخاص الهادئ بطريقتها البسيطة بعيداً عن التعقيد وبأسلوبها الناعم اللطيف ولغتها السهلة وانسيابها في التعبير عن مشاعرها وأشجانها.
توظف الطبيعة في خواطرها كثيراً، لاتفلسف الشعور بل تسكبه كما هو وبكل صدق، الكتابة بالنسبة لها نوع من التنفس النظيف والتمسك بالحلم حتى آخر تنهيدة، موضوعاتها بسيطة أغلبها عاطفية ذاتية وبعضها تأملية، لاتكتب غلا للحب وبالحب ومن الحب وإليه، اختارت ان تسمي كتابها (همساتي) لتنثر عبق إحساسها كما هو، ودون أي تكلف هي نفسها بكل مشاعرها وهواجسها بين سطور البوح وآهات الحنين