أسباب دخول العصر الأميركي في مرحلة الأفول

الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:

قد لا يثير هذا السؤال أي فضول أو رغبة لمعرفة غايات وأسباب طرحه، ولا سيما في هذا التوقيت المناسب جداً للحديث عن الانحدار الأميركي في ظل الإخفاقات الكارثية للولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً وإنسانياً خلال عقدين من الزمن لطالما حاولت فيهما رفع لواء الدفاع عن الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان التي انتهكتها ومثلت فيها أبشع تمثيل، لكن يبدو من المهم جداً مقاربة وقراءة هذا السؤال بأبعاده وتسلسله التاريخي الذي قد يؤكد لنا جميعاً حقيقة دخول الولايات المتحدة في مرحلة التصدع البنيوي لأركانها الأساسية التي نشأت وقامت عليها.
في العام 2011 طرح العالم والباحث الأميركي الدكتور ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد السؤال السابق في مقال له بمجلة “ناشيونال انترست” تحت عنوان “انتهاء العصر الأميركي” بتاريخ أيلول 2011.
وفي العام 2016 تساءل البروفيسور في علم السياسة جوزيف ناي، وهو أحد كبار أساتذة جامعة هارفارد: «هل انتهى حقاً العصر الأميركي؟»، هذا التساؤل جاء في خضم دراسات ومناقشات وأبحاث أكاديمية أميركية في ذلك الوقت على خلفية الحرب الناعمة المتواصلة حتى اللحظة بين الولايات المتحدة والصين.
اليوم يعود هذا السؤال ليطفو مجدداً على السطح مع “الانسحاب الهزيمة” لأميركا من أفغانستان، حيث يقول الكاتب الأميركي داغ باندو أحد الباحثين الكبار في معهد كاتو للدراسات السياسية والذي عمل مساعداً خاصاً للرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان سابقاً وصاحب كتاب «الحماقات الخارجية للإمبراطورية العالمية الأميركية» في تحليل نشره في مجلة «أنتي وور» الأميركية الالكترونية في 11 آب الجاري: «إن العصر المثير للولايات المتحدة كقوة قطب أوحد مسيطر أو فائق القوة انتهى، وأن مشكلتها تعقدت بعدما تبين أن الشعب الأميركي فقد حماسته للاستمرار في سياسة القوة الكبرى أو الوحيدة أو القادرة على الهيمنة على العالم».
قد تبدو الإجابة على تلك الأسئلة سهلة وسهلة جداً، لكن شرط العودة التاريخية لبداية القوة والهيمنة الأميركية وصولاً إلى الحال والمآل الصعبة التي آلت إليها تلك القوة العظمى.
لقد بدأت القوة الأميركية بالظهور كقوة رادعة وحاسمة ومهيمنة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 التي حسمت فيها الموقف بغطرسة وجنون القوة المفرطة عندما ألقت قنبلتين نوويتين على اليابان قتلتا عشرات الآلاف من اليابانيين خلال دقائق معدودة.
الهيمنة الأميركية لم تكرسها القوة العسكرية فحسب بل كرستها ودعمتها القوة الاقتصادية أيضاً حيث بلغ إنتاج الاقتصاد الأميركي في بدايات النصف الثاني من القرن الماضي نحو نصف الناتج العالمي كما أصبحت الولايات المتحدة قوة دائنة رئيسية بعد امتلاكها لأكبر قوة بحرية وجوية، وعدد كبير من القواعد العسكرية التي نشرتها في العديد من دول العالم، يضاف إلى ذلك تحالفاتها وقيادتها لنظام اقتصادي وسياسي وأمني على المستوى العالمي وهو الأمر الذي مكنها من السيطرة، على معظم المؤسسات والمنظمات الدولية والحقوقية التي أصبحت مجرد أدوات ودمى تتحرك و تأتمر بإمرتها.
لكن وبالرغم من تلك القوة الكبيرة التي تمتلكها الولايات المتحدة فقد كان يسيطر على الأميركيين دوماً هاجس اندحار وانهيار تلك القوة لا سيما مع ظهور قوى منافسة كروسيا والصين وهذا ما كانت تؤكده التقارير الدورية التي كانت تصدر عن مجلس الأمن القومي الأميركي والتي كانت تؤكد ظهور تغيرات جوهرية في الخريطة الجيو سياسية العالمية لمصلحة روسيا والصين وهذا الأمر بدأت مؤشراته بالظهور منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي وصولاً إلى مرحلة العودة الروسية في عهد الرئيس بوتين كطرف فاعل ومؤثر على المسرح الدولي.
هواجس سقوط الإمبراطورية الأميركية بدأت بالتحقق بعد الهزيمة الأميركية في فيتنام، التي دفعت الكثير من السياسيين الأميركيين إلى القول إن الولايات المتحدة قد تلقى نفس مصير المملكة المتحدة التي استهلكت قوتها وأموالها خارج حدودها في حروب كارثية لا فائدة منها، أدت إلى سقوط استراتيجيتها وارتفاع منسوب الكراهية لسياساتها على المستوى الداخلي والخارجي.
بعد ذلك تتالت الإخفاقات والهزائم والأميركية العسكرية والسياسية والأخلاقية، بدءاً من سقوطها في المستنقع الأفغاني وخروجها منه بعد نحو عقدين من الزمن دون أي إنجازات أو انتصارات بل على العكس من ذلك فقد خرجت منه وهي مثقلة بمساءلات وتساؤلات وهزائم قد تطيح بسياساتها ومشاريعها، ومروراً بالمستنقع العراقي الذي كان أشد وأكثر كارثية عليها لأنه أماط اللثام عن حقيقة أهدافها وغاياتها الاحتلالية والاستعمارية في المنطقة والعالم.
كذلك فإن سياسة ازدواجية المعايير وفشلها في احتواء قوى صاعدة على الساحة الدولية ودعمها المطلق للكيان الصهيوني ودورها الدموي في أحداث (الحريق العربي) الذي أشعل وأحرق المنطقة وصناعتها للإرهاب وهزيمة مشروعها في سورية، كل ذلك أثر وساهم في الوصول إلى حقيقة تصدع حواملها الأساسية كقوة مهيمنة وصانعة للقرار الدولي، وهذا باعتراف الكثير من المسؤولين والباحثين الغربيين والأميركيين.. وهذا ما يدفعنا للقول: إن العصر الأميركي قد بدأ فعلاً بالأفول!.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار