الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
ذكرت تقارير أن الهجوم “ضد الإرهاب” الذي شنته الولايات المتحدة في أفغانستان الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل 10 مدنيين، كما تم الكشف عن حقيقة مذهلة وراء التفجيرات الانتحارية التي وقعت مؤخراً في مطار كابول وأسفرت عن مقتل 13 جندياً أميركياً ونحو 170 أفغانياً، حيث اتضح أن العديد من هؤلاء الأفغان قتلوا برصاص جنود أميركيين، ومزيج هاتين المعلومتين سرعان ما تحول إلى أحدث فضيحة للقتل العشوائي على أيدي القوات الأميركية.
ولم ينفِ الجيش الأميركي احتمال أن يكون قد “قتل بطريق الخطأ” مدنيين أفغان، لهذا وعدت واشنطن بإجراء تحقيق، لكن موقفها غير مبالٍ على الإطلاق، فالجيش الأميركي يريد التقليل من شأن الحادثين، ومن المعروف أن عدد المدنيين الذين “قتلوا عرضاً” في “عمليات مكافحة الإرهاب” التي قامت بها واشنطن في أفغانستان والشرق الأوسط على مدى عقود، أعلى بكثير من عدد “الإرهابيين” الذين تدعي واشنطن أنها قتلتهم.
فالولايات المتحدة تقلل باستمرار من “القتل العرضي”، بينما تلعب وسائل الإعلام السائدة في الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، دوراً داعماً في هذا الصدد. وتحدثت وسائل الإعلام الغربية عن هذه المآسي، لكنها لم تتعامل معها أبداً على أنها أزمة حقوقية بارزة، حتى أنها لم تنتقدها كثيراً، ناهيك عن الدعوة إلى التحقيق في هذه الجرائم.
وقد نفذت واشنطن ضربة بطائرة مسيرة على تنظيم داعش الإرهابي الذي زعم أنه نفذ التفجيرات في مطار كابول على عجل. وفور انتهاء العملية، أعلن الجيش الأميركي أنه قتل عنصرين من تنظيم داعش في خراسان وقام بتفجير عبوات ناسفة في سيارة، كما أشار إلى أن العملية انتهت بنجاح ولم تقع إصابات بين المدنيين.
هذه التصريحات هي دعاية محضة تلبي رغبة الرأي العام الأميركي في الانتقام مما حدث في مطار كابول، فهل هذه هي الرواية حول أفغانستان التي تحتاجها إدارة بايدن بشدة الآن؟.
أما فيما إذا كان هناك بالفعل إرهابي في السيارة المفخخة، فلا توجد أي معلومات من طرف ثالث للتحقق من ذلك.
ومن ناحية أخرى، فإن ما قالته مصادر خارجية حتى الآن هو مقتل 10 مدنيين، بينهم سبعة أطفال، في هجوم بطائرة بدون طيار، ومعظمهم كانوا من عائلة واحدة، وأصغر الضحايا فتاة تبلغ من العمر عامين.
إذا كان الجانب الأميركي قد استخدم المعلومات الاستخباراتية لتتبع الهجوم من البداية إلى النهاية، فمن المستحيل أن يكون جاهلاً تماماً بما يُعرف “بالقتل العرضي”. لذا فإن القوات الأمريكية إما أنها أخفت معظم ما عرفته، أو أن القصة بأكملها مختلفة تماماً.
كان ينبغي على الجيش الأميركي أن يكون واضحاً للغاية بشأن إطلاق القوات الأميركية النار على المدنيين الأفغان في مطار كابول، ومع ذلك فقد قرروا إخفاء المعلومات.
وفي غضون ذلك أكدت التقارير المحلية المزيد من الوفيات، لكن العدد لا يتطابق مع عدد القتلى الذي كان من الممكن أن يتسبب فيه تفجير انتحاري، علاوة على ذلك، فقد قام العديد من الشهود وأهالي الضحايا باتهام الجيش الأميركي بإطلاق النار على المدنيين مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا.
كانت القوات الأميركية في مطار كابول في حالة ذعر بعد الهجمات الإرهابية المفاجئة، ولكن ومع ذلك كان يجب على الجيش الأميركي أن يقول الحقيقة على الأقل، وينبغي أن يبذل قصارى جهده لمنع القتل العشوائي للأبرياء بسبب الضعف النفسي للأفراد في مثل هذا السيناريو الفوضوي.
ولكن للأسف فإن القوات الأميركية لا تهتم إلا بسلامتها بغض النظر عن المخاطر الجسيمة التي قد يواجهها السكان المحليون، وتظهر أوامر الجيش الأميركي ميلاً إلى تفضيل قتل 1000 من الأبرياء على إغفال مهاجم إرهابي واحد.
يبدو أن الجيش الأميركي قد أخفى الحقيقة بشأن الضربة الانتقامية بطائرة بدون طيار ضد داعش في أفغانستان، فعمليات التطهير لا تحتاج إلى الطائرات بدون طيار فحسب، بل والأهم من ذلك، تحتاج إلى الدعم الاستخباراتي الدقيق من الأرض، كالقدرة على توفير معلومات دقيقة حول مواقع الإرهابيين وحركة الأهداف.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الأميركي يخوض في معظم الأوقات “حروباً سياسية” في أفغانستان ودول أخرى في الشرق الأوسط، وما يهمهم غالباً ليس التأثير الفعلي لأفعالهم، ولكن إلى أي مدى تتوافق تحركاتهم مع المشاعر السائدة في الرأي العام الأميركي والاحتياجات السياسية للولايات المتحدة، لا يمكنهم الفوز في الحروب بأي حال من الأحوال، لذلك سيقاتلون وفقاً لما يحتاجه الرئيس الأميركي الحالي، ولخداع الأميركيين على حد سواء.
إذا كان بإمكان كل هجوم أميركي أن يصيب الهدف بدقة، فقد يكون الوضع في أفغانستان مختلفاً منذ فترة طويلة عما يراه الناس اليوم.
يمكن القول بأن عمليتي “القتل العرضي” المذكورتين أعلاه للمدنيين هما مثال لمعظم العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان وحتى في الشرق الأوسط، ولا عجب أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عارض بشكل تعسفي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للنظر في قضية جرائم الحرب المحتملة على يد القوات الأميركية. حتى أنه عاقب الموظفين المعنيين في المحكمة، وذلك لأن النخب السياسية في واشنطن أكثر معرفة من أي شخص آخر بكمية دماء المدنيين في البلدان التي مزقتها الحروب التي تشنها القوات الأميركية منذ عقود طويلة في هذه البلدان.
المصدر: Global Times