الرفع الرسمي والمتوالي لأسعار الإسمنت والحديد شجع تجار الأزمات على رفع أسعارها بشكل فاحش وأدى إلى رفع أسعار العقارات المرتفعة أصلاً، وجعل تجار العقارات يعيدون حساب تكاليفهم وفقاً لكل زيادة على سعر أي مكون من مكونات البناء، مع إضافة أرباحهم الفاحشة، وكذلك ارتفعت بدلات الإيجار التي مازالت في صعود مستمر حتى عجز المواطن عن تأمين غرفة للإيجار لأسرته في أي مكان ريفاً ومدينة.
والأهم، أن هذه الارتفاعات المتوالية وبفترات زمنية متقاربة جداً لأسعار الإسمنت والحديد ستؤدي إلى مزيد من الشلل في حركة البناء وإعادة الإعمار وخاصة في المناطق المحررة من الإرهاب، مع الأخذ بالحسبان ارتفاع أسعار بقية مواد البناء خلال السنوات الماضية، وكذلك أجور اليد العاملة بمجالات البناء و الإكساء.
والنتيجة، أن الكثير من المواطنين لن يستطيعوا إكمال عمليات الترميم التي يقومون بها، وبالتالي لن يستطيعوا العودة إلى بيوتهم, ولن يستطيعوا الاستقرار في البيوت التي استأجروها أيضاً بسبب مطالبتهم بزيادة بدلات الإيجار.
وإذا حصل رفع آخر لمادة الإسمنت أو الحديد، فسوف يدفع المؤسسات الحكومية التي تنفذ بعض المشاريع السكنية كمشاريع السكن العمالي إلى إعادة دراسة تكاليفها مجدداً وفقاً لنسب رفع الأسعار على هذه المواد، وبالتالي تحميل المواطنين المكتتبين على هذه المشاريع السكنية فروقات الأسعار.
وآثار رفع سعر الإسمنت لن تقتصر على جانب إعادة الإعمار فقط، بل سيكون لها منعكسات اجتماعية خطيرة، فبعد هذا القرار لا يمكن لشاب أن يحلم بمسكن أو حتى بغرفة واحدة صغيرة في أي مكان ليتزوج بها، ففي آخر دراسة هندسية صدرت عن نقابة المهندسين أن تكلفة الأساسات فقط لمنزل مساحته ستين متراً مربعاً خمسة عشرة مليون ليرة.
إن مثل هذه القرارات تشكل عبئاً إضافياً على المواطن، بتحميله مزيداً من الأعباء المالية، لذلك يجب أن تأخذ حظها من الدراسة والتمحيص وبحث آثارها الجانبية كافة.
عين المجتمع – ياسر حمزه