لم يكن الإعلام يوماً بعيداً عن الأحداث أو متجاهلاً لها وكثيراً ما سعى الإعلاميون خلال عملهم في مختلف الوسائل إلى البحث والتحري والتدقيق عن الكثير من القضايا ومجريات الأمور بمختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولنا في أرشيف وسائلنا الإعلامية المحلية ما يدلل على جهود كبيرة بذلها صحفيون في هذا المجال واستطاعوا أن يكونوا مؤثرين وفاعلين في إيصال الكثير من القضايا العالقة إلى مكاتب المعنيين في مختلف القطاعات بما ساهم في الإسراع بمعالجتها وحلها.
فالعمل الإعلامي وإن كان في جزء منه يشكل وسيلة اتصال وتواصل من خلال نقله للأخبار والأحداث كما هي، إلا أنه لديه الكثير من المساحات لكي يكون شريكاً في صناعة الأحداث انطلاقاً من كونه وسيلة تواصل بحيث ينقل الأفكار والمقترحات والخطط ومشاريع برامج العمل التي تخطط لها الوزارات ويضعها في متناول المجتمع بكلّ شرائحه بوصفه الجمهور المتلقي والمعني بهذه المقترحات وبرامج العمل.
وهذا الأمر تحديداً يتطلب الكثير من التعاون وفتح الأبواب أمام الإعلام بكلّ شفافية ومسؤولية ليكون حاضراً بكل ما يجري التحضير له ليكون شريكاً حقيقياً وفاعلاً، ويتطلب الارتقاء أكثر في التعامل مع الإعلام لا أن ينظر إليه على أنه آلة يتم تلقينها بما يقوله المسؤول فقط دون القدرة على السؤال عن أي تفصيل أو الاستفاضة في شرح أي معلومة غير واضحة.
فكثيراً ما يواجه الصحفي خلال عمله اليومي الميداني حالات من عدم التعاون من بعض المعنيين في الإدارات والوزارات خاصة لدى محاولته السؤال عن قضية أو إيصال شكوى لمواطنين أو غير ذلك، فغالباً المسؤول مشغول أو لديه اجتماع أو يقوم بجولة على المعمل أو المنشأة أو على الفروع، فيما الحقيقة تكون غير ذلك وما هذه الحجج إلا ستار للتهرب والتورية وعدم التفاعل مع الإعلام.
إن تمكين الإعلام من أخذ دوره الحقيقي يحتاج إلى شعور كامل بالمسؤولية بحيث لا يسعى البعض لإخفاء الحقائق أو تجميلها أو تغطية مكامن الخلل وإبراز فقط مواضع القوة في العمل، فذلك لا يفيد في شيء لأنه لا يقول سوى نصف الحقيقة.
فالمسؤولية الحقيقية تحتاج إلى شجاعة في إدارة المواقف والاعتراف بوجود الخلل والتقصير والترهل والسعي لتجاوز هذه المشكلات من خلال تشخيصها ووضع الحلول المناسبة لها لمعالجتها بشكل نهائي، وهنا يكون دور الإعلام في نقل ما يجب نقله بشفافية ومصداقية من خلال تمكينه من الحصول على المعلومات والوثائق وغيرها لعرضها ونشرها بهدف المعالجة والإصلاح وليس بهدف التشهير والنيل من أشخاص أو مؤسسات بعينها.
حديث الناس – محمود ديبو